إن من السلوكيات غير المقبولة التي ينتهجها العديد من أفراد المجتمع السعودي الإسراف والتبذير غير المسؤول في استخدام الكهرباء، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو على مستوى الأجهزة الحكومية، خصوصاً ونحن نعيش فصل الصيف لهذا العام. وإن مما يؤكد على ارتفاع معدلات استهلاك الكهرباء في المملكة مقارنة بغيرها من الدول أن استهلاك الكهرباء في المملكة ينمو بمعدل أحد عشر في المائة سنوياً حيث تعتبر تلك النسبة أكبر بكثير من متوسط النمو العالمي في استهلاك الكهرباء الذي يقدر بحدود 3-4%، ولذا فإن هناك إجماعا على أهمية اتباع السياسات الترشيدية في عملية استهلاك الكهرباء من قبل الجميع. ومن التوصيات التي قد يكون في اتباعها انعكاسات إيجابية في القضاء على مشكلة الإسراف في استخدام الكهرباء ما يلي: 1- التزام الجميع بنظام العزل الحراري. ومن الأهمية أن تمانع شركة الكهرباء تلبية طلبات التقوية للفلل والمباني السكنية، وكذلك الطلبات الجديدة التي لا تستوفي شروط العزل الحراري. الجدير بالذكر أن عزل المباني يؤدي إلى توفير حوالي 40% من استهلاك الكهرباء. 2- التأكيد على كافة الأجهزة الحكومية بعدم ترك أجهزة التكييف والإضاءة مفتوحة طوال الوقت خصوصاً في غير أوقات الدوام، وإذا كان تخفيف الأعباء المالية التي تعاني منها شركة الكهرباء يمثل أهم الأسباب التي من أجلها لجأت الدولة إلى زيادة الرسوم المقررة لاستهلاك الكهرباء، فإن الترشيد الأمثل في استخدام الكهرباء من قبل الجميع سينعكس إيجاباً على تخفيف تلك الأعباء المالية التي تعاني منها الشركة مما يساعد على خفض النفقات التي تتكبدها الشركة، وبالتالي قد ينعكس ذلك إيجاباً على المواطن السعودي على المدى المتوسط وذلك من خلال إمكانية تخفيض الرسوم (الحارة) المقررة على استهلاك الكهرباء إلى ما كانت عليه في السابق. 3- أهمية إعادة النظر في الرسوم المخفضة المقررة على استهلاك المصانع للكهرباء خصوصاً فيما يتعلق في المصانع التي تقوم بتصنيع منتجات تقليدية ولا تقوم بنقل تقنية حديثة للسوق السعودي. 4- أهمية تخفيض قوة إنارة الطرق حيث إن هناك إسرافاً في قوة الإنارة المخصصة للشوارع، خاصة إذا ما علمنا أن تلك المصابيح الكهربائية قد وضعت في الشوارع لتكون مساعدة لإنارة السيارات وليست بديلاً عنها. 5- تحظى المملكة بتوفير كميات هائلة من الطاقة الشمسية على مدار العام بالإضافة إلى كون استخدام الطاقة الشمسية لا يخلف انعكاسات سلبية على النواحي البيئية، ولذا فمن الأهمية أن يتم استخدام الطاقة الشمسية والاستفادة منها وتسخيرها لخدمة أغراض التنمية في المملكة. خلاصة القول، إن ترشيد الطاقة الكهربائية سيؤدي إلى خفض تلك الرسوم (الحارة) التي تحملها إلينا فواتير الكهرباء مطلع كل شهر، كما أن نظرتنا إلى تلك العملية الترشيدية يجب ألا يقتصر على مجرد النظرة الاقتصادية، وإنما يجب أن يتعدى ذلك إلى النظرة الوطنية، وكذلك التعامل معها على أنها مطلب ديني مما يستوجب توثيق التعاون من قبل الجميع لتحقيق ذلك. نعم إن الدعوة إلى ترشيد الكهرباء هي دعوة متصلة بعقيدتنا الإسلامية التي طالما دعتنا إلى التوازن في كافة أوجه الإنفاق الحياتي، وفي ذلك يقول تعالى: { وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ }.