قبل سنوات أرسل لنا الأخ الشاعر مناحي الديحاني المطيري قصيدتين نشرنا إحداهما وهي وفاء لأصدقائه في عرعر التي عاش فيها سنين طويلة قبل عودته إلى مدينة عنيزة، والقصيدة الثانية وجدتها مع أوراق في درج مكتبي وكنت أنوي نشرها في زاوية (صور من الصحراء)؛ لما تحتويه على وصف شيق لصحراء الشمال وقوة شاعرية للشاعر؛ إذ قدم لها بقوله: كانت ولا تزال هناك معزة خاصة في نفسي للشمال وأهل الشمال، وهذه المعزة انعكست بهذه القصيدة: صوب الشمال وكل شي له أسباب ساقتني القدرة على مرة طريف من كاف غرب وشرق لا شعبة نصاب وشرق بعد منها إلى يمة السيف جميع ما فيها من حزوم وهضاب ومدن وقرايا والمراكز إلى سويف دارٍ هواها في المعاليق كد ذاب ارتاح فيها لو هواها عواصيف احبها حبٍ عيت عنه الأطباب سحر وشعني والدواء عنه ما شيف ما حبها لأجل العماهيج الأصعاب شرد الجوازي ضامرات السراجيف نجل العيون اللي زهت عكش الأهداب تلع الرقاب مخضبات الأطاريف احبها يوم انها ديرة أشناب شمر وعنازٍ هل الخيل والسيف وأيضا الظفير أهل البويت أبو الأطناب في فيضة الأديان جاء له سواليف زحول الرجال اللي يعزون الأصحاب قصيرهم محشوم ما يشكي الحيف عاداتهم يوم اللقاء قطع الأرقاب بساعة فيها للأنفس تقاطيف خويهم يدرى ويحظى بما طاب له الكرامة والوفاء والمعاريف الخير بيديهم تفتح له ابواب والشر بابه مغلق بالمزاليف دارٍ مشيناها مع أصحاب وأغراب أخذت فيها سجة كلها كيف ياما سرينا يوم ولد الردي هاب وياما رقينا عاليات المشاريف وياما تخطينا المدارك والأنشاب وياما لحقنا مبعدين المحاريف وياما قلطنا في دواوين الأجناب وياما سمعنا مذربين السواليف ما قول قولٍ يدخله زور وأكذاب قولي صحيح ولا دخل فيه تزييف مناحي الديحاني - عنيزة 1425ه المسيميري يتفاعل مع طرح الخربوش هذا ما لدي عن سرور الأطرش وأشعاره اطلعت على ما كتبه الأستاذ محمد الخربوش يوم السبت الموافق 15-4-1427ه بزاوية رأي القارئ تحت عنوان (المسيميري لها) وفي البدء أشكر لكم وللأخ محمد الخربوش ثقته وحسن ظنه بي راجياً أن أكون أهلاً لما ذكره عني وبخصوص الشاعر سرور الأطرش فهو فعلاً شاعر فحل ويستحق ما طلبه الأخ محمد من تدوين لإنتاجه، وهذا لم يغب عني وعن اهتماماتي من فترةٍ وقد عملت على جمع الكثير من قصائد ومواقف وقصص الشاعر سرور إلى جانب شعراء أسرة (العمار) المعروفة لما بينهم من روابط وكنت أسعى لإصدار كتاب شامل تحت عنوان (قصص وأشعار عائلة العمار) ولكن هناك بعض العوائق التي مازالت تحول دون ذلك وأرجو أن تزول هذه العوائق قريباً ويتم طبع الكتاب المذكور. وعودة إلى الشاعر سرور الأطرش الذي ولد عام 1200ه وعاش مع والده في قصره المسمى مشرف والذي يقع شمال غرب الرس ويبعد عنها 25 كلم تقريباً على الضفاف الشمالية لوادي الرمة، وقد اشتهر سرور بالشعر والصيد والشجاعة وحدة النظر ومن أبرز شعره ما قاله في الغزل مثل: يامل قلبٍ بيح الود خافيه ما عاد باقٍ فيه غير الصياحي كنك على غصنٍ من السدر تلويه ولا يهذا في شطير السلاحي على عشيرٍ كل ما حل طاريه ادعى صناديق الضماير إلياحي ... إلى قوله... حلفت ما أبيعه وأنا العام شاريه أقع تحت صُم الصفايح إمراحي عديت عن مجمول الأوصاف لا أجيه كما أجربٍ عدي عن إبلٍ إصحاحي - وكذلك قوله:- الله ياسدرة المصناع يزيك من مزنةٍ هلت الما عقربيه يا طول ماجيت سارٍ في حراويك عجلٍ وأخاف القمر يظهر عليه وطيت أنا الداب وأنيابه مشاويك والله وقاني عن أسباب المنيه وقد غناها الفنان محمد عبده ونسبت لغير (سرور) وهذا من الخطأ. وقال في الغزل أيضاً:- يا صاحبي عنه القشيعين منغاد في ما قعٍ ما هوب همجٍ شرابه بأيمن حزوم الرس بمقلط الواد سقاه من نو الثريا سحابه ... إلى قوله... راعي إنهودٍ في حشا الصدر قعاد يشكي منهن التمزع ثيابه مالاجهن إمعالجٍ علف الأجلاد موزا إمجال إصويحبي بنقلابه وكما قلت اشتهر سرور بالجمال والشعر والصيد مما جعل الشاعرة صيتة التميمية تقول: أنا بدار (الرس) دارٍ ظليله وصويجي يتلي المهابا الصواهيد ليته إلى صاد المهاعنه أشيله أشيل عن إصويحبي منجل الصيد شفي (سرور) ولا أتمنى بديله عليه ضيعت الحياء والمناقيد الزعل يلهم من دقاق النشيله ولاَّ يطق إبهامته نايف الحيد وقد تمنت إحدى النساء رؤية (سرور) وقد تم لها ذلك ولكن بعد أن ضعف بصره واحدودب ظهره وبدأت عليه علامات الشيخوخة مما جعلها تقول (أثرك شايب) بعدما رأته؟ فقال:- يازين شفني لاتوصي وصايا ما دام كل حاضرٍ قل وأنا أقول عذربت شيبي ياجميل الحلايا لابد ما يبداك مع كل مجدول يبدأ بشقرٍ مثل عُصم الروايا عليه من صنع العجم تل وتلول يا أبو ثمانٍ بيض بين الشفايا ما كنهن إلا كما ضيق إملول أما في الحكمة فله قصائد كثيرة منها قوله: تراردي الخال يزوم روحه لو كان ما يسوى ربيع إتراب. وكذلك قوله: حلا القيل عند السامعين غريب لا صار ملفوظ الجواب إمصيب وأنا أظن ملفوظ الجواب عذاله على غير قلبٍ للجواب لبيب أما المدح فقد مدح (شعيل بن سالم) وله قصة عجيبة غريبة. لا يمكن سردها في هذا المقام حيث قال:- نويت أبين رقة الحال لشعيل حيثنه أكرم من هبوب الذوادي إشعيل لا منه عطى يوفي الكيل له مدةٍ ماهوب فيها إيمادي وقال في مدح صديقه (حصاد بن حمد بن صقية) من بني تميم: يلفي حماد الحمد منقع الندى حريب الردى للموجبات ذهاب ... إلى قوله... أنا اليوم يا حماد مافي حيله كما السيف يوما به بغير إنصاب أنا اليوم يا حماد ربعي تفرقوا كما الملح أمسى بالغدير وذاب ومن مواقف سرور: كان عند (سرور) زوجتين حضرية وبدوية وكان يحب الحضرية وقد نام عندها أكثر من ليلة ولما سألته البدوية أين هو في هذه المدة قال إنه عند صديقه حماد في عنيزة وبعد يومين أخبرت الحضرية البدوية بأنه قد نام عندها ليلتين غضبت البدوية ولماجاء إليها في الليل رفضت الكلام معه وقائلة له اذهب للحضرية لأنها أجمل مني. عندها قال:- قلبي يحب الحمض ما يقبل الغين الحمض حيثن الضباير تعنهه ربيع قلبي سجةٍ بالجريرين أسعى بقاع وكني أسعى بجنه عندها ضحكت ورضيت عليه.. (سرور الأطرش) لم ينجب سواء كان ابناً واحداً اسمه (طهيف) بدليل قوله:- دارٍ جزا منها شعيل بن سالم عسى مطرها ياطهيف إقطوع هذا وقد تدهورت صحة سرور الأطرش في آخر حياته ولم يكن عنده من يقوم على خدمته فأخذه صديقه (حماد بن صقية) إلى عنيزة حيث توفي عنده ودفن فيها. وذلك عام 1280ه. بقي أن أقول إن سرور الأطرش عاصر الشاعر مبارك البدري وهو شاعر الرس إبان حرب إبراهيم باشا الذي لم ينل حقه من الشهرة هو الآخر هذه عجالة لا تُعنى بشيءٍ من حق سرور الأطرش، وقد أفردت له عشر صفحات في كتابي (شعراء ومواقف) والذي صدر عام 1421ه وأوردت له أكثر من قصة في إصداري الصوتي (فنجال وسيحة بال) وأخيراً أشكر المشرف على صفحة مدارات بإعطائي هذه المساحة وكذلك الأستاذ محمد الخربوش على ثقته بي واهتمامه بالأدب الشعبي، وهذا ليس بغريبٍ عليه فهو من بيت شعر وحفظة شعر.. وفق الله الجميع لما فيه الخير. والسلام ختام..