إن الشعر موهبة وخلق والكلمة الشعرية عرق نفيس وغال.. والشاعر عبدالله بن صقيه التميمي شاعر يتحلق الخيال والطبع والبساطة المحببة حول مجلسه. وفي كل كلمة يتفوه بها.. إنه رجل عاقل مخلص في كل عمل يؤديه في كرمه ووطنيته وأدبه الحسي والنفسي إلافي غزلياته فهو يعشق الجمال الأنثوي مع هذا الشرر المتطاير في قصائده المتنا ثرة في دواوينه علاوة على فحول موهبته، شاعر سامي النظرة يعرف كيف يعيش وكيف يتناول وكيف يعطي.. ووصف ابن صقيه رحلته الشعرية ومرئياته وفق تحصيله القروي وبداوته البريئة وحبه المتدفق للدين والوطن والرجولة العربية. تمتاز معظم قصائده بالصورة الجيدة وحجة المعنى مثل «من يتسهدن بين لطناب» أي يتململ على كل ناحية من جسمه على أطراف السابلة والتقاء الطرق يطلب حاجته بأي ثمن. والصورة الأخرى «يعصرله في كبسة الرزليمي» والليمون من الحريفات التي يتقاطر حولها اللعاب وتلتهب عندها الكروش وقلما يستعمل أحد الحريفات في مأكله ويتركه طواعيه. إنهما حقاً لصورتان يعرف شاعرنا كيف استلهمهما من تجاربه العديد لما لهما من أحداث وقع خاص مؤلم والذي مهما تمحك في تعقيبه أوفي تجاهله لما أحدثته هاتان الصورتان أن يناقضها أبداً. فما أحوج أن يقارع ابن صقيه وما أبعد المسافة بينه وبينه حيث قال: المشتبه بطنه من الرز ورّم. كلب الغنم نابه من الجوردامي هني هرس طول الأيام مرمي ماغيرهمه طول دهره ينامي أوقوله: يا زمان ورمت فيه البطون قام يرها الناس مكّال العجين هذه الصيغة المبالغة للتجميع والأكل وتغميط الناس من بعض القاصرين في «يرها» ثمر «مكان العجين» من الأمور التي شغلت أكثر قصائد الدواوين وشعر ابن صقيه دسم في مادته حلو يجذبك في قراءته.. عفو خاطره وطيبة قلبه وسلامة لفظه هذا وقد إتخذ الشاعر من نفسه ومن قومه محوراً يعالج به أكثر المشكلات التي تناولها في شعره إلا أن أكثر العتاب والتنديد بمن لانعرف عنهم شيئاً ولم يوضح لنا أويفصح عن الأسباب التي جعلته يأخذمنهم الحياة التامة عتاباً في نظرة ذاتية لاتستلزم التشخيص ولاتبحث عن الشمول فما علينا إلا أن ندرس شاعرية هذا الشاعر ونشيد بها ونبرز تفوقه.