بعد أكثر من عشرة أعوام من اغلاقه للتحسينات، يعاد فتح واحد من أغرب الأبنية وأكثرها تحديا لقوانين الجاذبية في العالم وهو برج بيزا المائل أمام الجمهور العام القادم. وقالت وزارة الأشغال العامة الايطالية مؤخرا إنه سيسمح للزوار بدخول برج بيزا المائل في 17 يونيو من العام القادم في حين سيسمح للصحفيين ونحو 200 طالب بالقاء نظرة مسبقة على المبنى في 17 يونيو الحالي. وكان البرج قد أغلق أبوابه أمام الجمهور عام 1990 لدى بدء التجديدات الرامية لتقويم وضع المبنى المائل, وفي ذلك الحين كان البرج مائلا بنحو ست درجات أو ما يربو على أربعة أمتار. ورغم التعقيدات البيروقراطية التي عطلت سير العمل أكثر من مرة، فقد تمكن المهندسون من تقليل حدة الميل بنحو 43,8 سنتيمترا وذلك بازالة أطنان من التربة الموجودة أسفل الأساسات ووضع أثقال موازنة من الرصاص في قاعدة المبنى. ويهدف المشروع الى تقليل حدة الميل بنحو 40 سنتيمترا بحلول موعد افتتاح البرج, وقام المهندسون بلف حبال حول الطابق الثالث وربطها بهياكل على شكل حرف آيه في الجانب الشمالي أثناء تنفيذ عمليات إزالة التربة. ويتكلف مشروع ترميم البرج نحو 50 مليار ليرة 25 مليون دولار غير ان أحدا لا يعرف على وجه اليقين ما اذا كان المشروع سيكتب له النجاح. فذات مرة صرح فيتوريو سجاربي المؤرخ الفني الذي عرف بآرائه الجدلية بأنه من الأفضل أن نشاهده يسقط ونتذكر ميله بدلا من أن نشاهد تقويمه وهم يتم بطريقة خاطئة . يذكر أن تشييد البرج الذي يعد من أشهر معالم ايطاليا السياحية، بدأ في اغسطس عام 1173 واستغرق نحو 200 عام, ورغم شيوع اعتقاد في الماضي بأن ميل البرج يعد سمة مميزة له وأنه متعمد إلا أن التصميم الحقيقي له كان يرمي لتشييد برج عمودي . فلم يكد بونانو بيزانو الرجل الذي يقال إنه المهندس المعماري المصمم للبرج، ينتهي من ثلاثة مدرجات فقط إلا وبدأ البرج يميل من الناحية الجنوبية. ويسود اعتقاد بأن المشكلة تنجم عن تحرك التربة الذي جعل المبنى يميل بمعدل ملليمتر واحد سنويا منذ انشائه. وكان البرج الذي صنع بالكامل من الرخام الأبيض والذي قصد من ورائه أن يكون برجا للأجراس الخاصة بالكاتدرائية المجاورة، يجتذب نحو 800 ألف زائر سنويا قبل أن يغلق أبوابه للاصلاح. ويقال ان جاليليو جاليلي صعد درجاته التي يصل عددها الى 293 درجة لاجراء تجارب على الجاذبية بالقاء قذائف مدفعية من أعلى البرج, وفي وقت لاحق، أثبت علماء جامعة بيزا صحة نظرية جاليليو القائلة بشمولية تسارع السقوط الحر للأجسام وذلك بعد اختبار قرص يسقط في فراغ. ورغم أن البرج ظل صامدا في وجه عدد من الزلازل فإنه كاد يتهدم ابان الحرب العالمية الثانية, ونشر السيرجانت ليون ويكشتاين بأركان الجيش الأمريكي مؤخرا كتابا يروي فيه كيف أنه قاوم الأوامر الصادرة اليه بتدمير البرج في يوم قائظ من شهر يوليو عام 1944. ويقول ويكشتاين 79عاما : في تلك الأيام لم أكن أعرف شيئا عن ايطاليا أو البرج,, كل ما كنت أعرفه هو أن أكثر من 20 مدفعا قويا كانت مصوبة نحو البرج انتظارا لأوامري . فقد كان الجيش الأمريكي يشتبه بأن الألمان يستخدمون البرج كموقع للمراقبة, ويضيف:بحلول الوقت الذي جعلت موجات الحرارة البرج يبدو وكأنه يتراقص أمامي, أدركت أنني لم أر شيئا يقنعني بوجود ألمان داخل المبنى, لذا فقد واصلت الانتظار . وعندئذ وجد ويكشتاين نفسه فجأة وسط نيران القوات الألمانية وتلقى أوامر بالهروب، ويتذكر ما حدث بعد ذلك بقوله:عندما تحركت قواتنا في نهاية المطاف لتدخل المبنى، وجدنا أسلاكا مثبتة بالداخل مما يعد مؤشرا واضحا على أن شيئا ما كان يحدث .