قمت بزيارة مدينة بيزا Pisa أكثر من مرة، وفي كل مرة أزور فيها برج بيزا المائل كنت أدور حول البرج مستعرضا ما قام به العالم الإيطالي جاليليو أستاذ الرياضيات في جامعة بيزا ما بين عامي 1589 و1592. في تلك الفترة، قام جاليليو بإسقاط جسمين مختلفين في الكتلة من قمة البرج المائل لإثبات أن زمن السقوط الحر لا يعتمد على الكتلة. واستنتج بعد تلك التجربة أن الأجسام تسقط بالتسارع نفسه، مؤكدا بذلك صحة نظريته، ورافضا نظرية أرسطو التي تنص على أن سرعة سقوط الجسم تعتمد على كتلته، التي أثبت جاليليو أنها غير صحيحة. ولد العالم جاليليو جاليلي في مدينة بيزا عام 1564، ودرس في جامعتها، وقرر خلافا لما كان معروفا في عصره أن الأرض والكواكب السيارة تدور حول الشمس، وقام ببناء تلسكوب يدعم نظريته وما قاله الفلكي كوبرنيكس. أثار جاليليو سخط رجال الدين، واضطر إلى قبول الصراع مع الكنيسة التي خاصمته على تحديثه الدائم والمستمر في السماء. ألف جاليليو كتابا باسم (التجارب) باللاتينية، وأهداه إلى البابا (آريان الثامن) الذي كان صديقا له، لكن البابا أعلن رفضه تماماً لنظرية جاليليو. وضع بعد ذلك كتابا بعنوان (آراء حول العالم) باللغة الإيطالية، يشرح فيه نظريته ببساطة، كما أنه طور البندول الذي كان قد اخترعه العالم العربي علي بن عبدالرحمن بن أحمد بن يونس والمتوفى عام 1009، ما يؤكد أن جاليليو كان على اطلاع واسع على ما قدمه العرب من علوم ومعارف. ورغم أن المجلس الكنسي سمح لجاليليو بطباعة كتابه الأخير في فلورنسا عام 1632، إلا أن البابا أعلن غضبه وأمر بسجنه في دير بروما. وضع جاليليو رهن الاستجواب لكي يتراجع عن نظريته وأفكاره. اضطر جاليليو بعد التهديد بالإعدام والطرد من الكنيسة إلى التراجع.. وقال في إعلانه أمام المجلس الكنسي: (أعلن أنا جاليليو بن فينشتز جاليلي أنني أقلع عن فكرة أن الشمس مركز الكون، وأنها ثابتة، وأن الكواكب تدور حولها، كما أعلن أنني لن أدافع عن نظريتي هذه). خفف البابا الحكم من الإعدام إلى الإقامة الجبرية فقط، والاعتقال في منزله؛ حيث لم يخرج منه حتى وفاته عام 1642. وبعد سنوات من تبرئته من الإعدام ضرب بيده وتمتم قائلا: (ومع ذلك فإنها تدور!!)..