مع مرور 24 عاماً على إعلان السلطات الإيطالية في 7 كانون الثاني (يناير) 1990 إغلاق برج بيزا المائل أمام الزوار، بهدف إنقاذه من السقوط وإعادة ترميمه، بعد اشتداد درجة ميله، التي تثير التساؤلات دائماً حول، هل سيسقط برج بيزا يوماً ما؟. قصة بناء البرج: بدأت عملية بناء البرج الذي يقع في مدينة بيزا التابعة لولاية توسكانا الإيطالية، في ال8 من آب (أغسطس) عام 1173م، واستمرت عمليات البناء نحو قرنين، إذ إنه بعد بناء الطابق الثالث عام 1178، مال البرج وتوقفت أعمال البناء لقرن كامل. وتم بناء هذا البرج، ليحمل جرس كاتدرائية بيزا (ساحة المعجزات)، وعُرف بهذا الاسم نظراً لوجود انحراف عن المستوى العمودي به، إذ كان من المفترض أن يكون عمودياً، إلا أنه بدأ في الميلان بعد فترة وجيزة من الشروع في بنائه. وفي عام 1272م، تم بناء أربعة طوابق إضافية، وحاول المعماريون أثناء بناء الدوريين الرابع والخامس، تحريك مركز ثقل البرج لتلافي الميل، ولكن يبدو أنهم لم يفلحوا بذلك، وتوقفت أعمال البناء مرة أخرى عام 1301، إلى أن تم بناء آخر طابق به في عام 1372 ووضع فيه الجرس. ويتكون البرج من 8 طوابق مبنية من الرخام الأبيض على الطراز الروماني بارتفاع 54,5 متراً، وبه درج مبني داخل الجدران يتألف من 300 درجة (مجهز حالياً بمصعد كهربائي)، وتقدر كتلته ب14.500 طن. ويبلغ ميله الواضح للعيان حوالى 18 قدماً (الميل حالياً أكثر من خمس درجات)، ويقال بأن سببه هو رخاوة وهبوط في التربة المبني عليها البرج، وظهر هذا الميلان منذ المراحل الأولى لبناءه، لكن المعماريين استمروا في البناء على أساس نفس الميلان. من بناه؟ هناك خلاف حول هوية المعماري الذي بنى برج بيزا المائل، إذ يعتقد أن المعماري بونانو بيزانو(فنان معروف من القرن الثاني عشر واشتهر بأعماله البرونزية، وخاصة في كاتدرائية بيزا) هو من بدأ في بنائه، واستكمل بعد توقف طويل على يد جوفاني بيزانو، واكتملت عملية بناءه في النصف الثاني من القرن الرابع عشر على يد تومازو دي أندريا بيزانو. الحرب العالمية الثانية والبرج: اهتم بينيتو موسوليني بأن يعاد البرج إلى وضعه طبيعي، وأمر بإعادة تصحيح وضعه الأفقي، فتم صب الإسمنت في أساساته، إلا أن النتيجة كانت غير متوقعة وجعلت البرج يغوص أكثر في التربة. وعندما بدأت الحرب العالمية الثانية، دمر الجيش الأميركي كل الأبراج في بيزا تقريباً، خوفاً من احتمال وجود قناصة بها، وكان تفجير برج بيزا مخطط له أيضاً، ولكن قراراً جاء في اللحظة الأخيرة بالانسحاب أنقذ البرج من التدمير. هل سيسقط البرج؟ في 27 شباط (فبراير) عام 1964، طلبت الحكومة الإيطالية مساعدات لمنع البرج من السقوط، فتم تعيين مجموعة من المهندسين، والرياضيايين والمؤرخين اجتمعوا في جزر أزوريس البرتغالية لبحث ومناقشة طريقة الحفاظ على البرج ومنعه من السقوط. وبعد عدة عقود من البحث والعمل، تم إغلاق البرج أمام الزوار في 7 كانون الثاني (يناير) 1990، واستمرت أعمال التثبيت نحو 11 عاماً، إلى أن تم إعادة فتح الأبواب للزوار في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2001. وكان من اهم مقترحات تثبيت البرج إضافة 800 طن متري من الرصاص كثقل مقابل على الطرف المرتفع أو من قاعدة البرج، إلا أن الحل النهائي الذي استقر الخبراء عليه لتصحيح الميلان كان إزالة 38 متراً مكعباً من التربة من تحت الطرف المرتفع من قاعدة البرج، وعلى إثرها تم إعلان البرج «مستقراً» لمدة 300 عام قادمة على الأقل.