ما زال الشعب السوداني يعيش حالة قلق مصحوبة بمجهول تجاه أزمة دارفور خاصة أن هناك تداعيات مسلسل تهديدات مجلس الأمن بإحلال قوات دولية محل القوات الإفريقية رغم تمسك حكومة السودان بقوات الاتحاد الإفريقي وعدم الحاجة إلى دخول قوات أجنبية أراضيها دون موافقتها، وهناك أيضا مباحثات أبوجا للوصول إلى اتفاق سلام بين الحكومة والحركات المسلحة بدارفور قبل نهاية شهر إبريل الجاري مثلما حددها المبعوث الإفريقي سالم أحمد سالم. والسؤال على ألسنة السودانيين اليوم: هل ما زال هناك أمل لحل أزمة دارفور قبل فوات الأوان أم أنه فات بالفعل؟. (الجزيرة) طرحت السؤال مجدداً على أكاديميين ومسؤولين عن ملف دارفور، حيث أوضح الدكتور إبراهيم نصر الدين رئيس الدراسات السياسية والاقتصادية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة ان مشكلة دارفور ليست وليدة اليوم، وإنما هي تراكمات لكل الحكومات السودانية السابقة ونتيجة لسحب البساط من تحت الإدارة الأهلية في هذه المنطقة، فكارثة كل رؤساء إفريقيا عدم معرفتهم بالتكوينات الاجتماعية للدولة. وعن الاتحاد الإفريقي ودوره في مشكلة دارفور دعا إبراهيم إلى ضرورة تدعيمه لحل هذه المشكلة لأنه اتحاد وليد وليس لديه الدعم الكافي، فهو مدعوم أساسا من الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية. أما محمد إبراهيم دريج رئيس حزب التحالف الفيدرالي السوداني وحاكم دارفور الأسبق فيؤكد على أن ما أسفرت عنه مفاوضات نيفاشا من تقسيم للثروة والسلطة هو الذي فجر المشاكل الأخرى بالسودان في دارفور وفي الشرق، وأعتقد بأن الثروة الوطنية لا تقسم إلى أقاليم أو أفراد فهي ثروة قومية للدولة ولا بد أن يتم توزيعها في شكل خدمات وتنمية لجميع الأقاليم، وهذا هو أساس الحكم الفيدرالي وهو النظام الأمثل لحكم السودان؛ لأن هذا النظام يعطي حق المشاركة في السلطة للأقاليم، حيث تدار الشؤون الداخلية لكل إقليم على حدة بطريقته المناسبة ثم يساهم الجميع في حكم الدولة كلّها. السفير أحمد حجاج المبعوث الشخصي للرئيس مبارك إلى مفاوضات أبوجا والأمين العام للجمعية الإفريقية بالقاهرة يقول: يجب أولا دعم قوات الاتحاد الإفريقي الموجودة بدارفور الآن ماليا ولوجستيا كي تتمكن من أداء مهمتها، وأن إرسال قوات دولية لتحل محل القوات الإفريقية فيه تناقض من دعوة دول الغرب والمنظمات العالمية إلى أن يمسك الأفارقة بحل مشاكلهم، ولا بد من موافقة السودان على دخول القوات الدولية دارفور، والسودان حاليا يتعاون مع قوات حفظ السلام الدولية التي تتمركز بجنوب السودان لتنفيذ اتفاق نيفاشا، ولكن في دارفور المتفق عليه أن تكون قوات إفريقية. كانت الحركات المسلحة بدارفور قد أصدرت بيانا فيه مطالبهم التي تتلخص في ضرورة تمثيل أهل دارفور في موقع نائب رئيس السودان لضمان تنفيذ أي اتفاقية بعد التوقيع عليها وللثقل السكاني لأهل دارفور ولترسيخ الوحدة الوطنية حتى لا تحتكر الرئاسة ولضمان عدم تكرار شنّ الحرب على دارفور لأنه قرار تم اتخاذه في مؤسسة الرئاسة، وطالبوا أيضا بالعودة إلى حدود إقليم دارفور عام 1956م، وهذا سيضع أرضية الوحدة بمعالجة مشكلة الحواكير. كما يطالبون أيضا بشراكة أبناء إقليم دارفور في إدارة العاصمة الفيدرالية لضمان عدم تكرار الاضطهاد الثقافي والاستعلاء العرقي والقهر السياسي، وأن هذا التمثيل لأبناء دارفور أمر يتماشى مع كل المواثيق خاصة إعلان المبادئ الموقع في أبوجا بتاريخ 5 -7 -2005م والاتفاقات الأخرى، كما أن سكان إقليم دارفور يمثلون أكثر من 42% من سكان ولاية الخرطوم وتمثيلهم في العاصمة يعدّ تعبيرا عمليا لفيدرالية البلاد. أما الحكومة السودانية فهي في موقف لا تحسد عليه حسب حديث أكاديمي سوداني مرموق الذي أضاف قائلا: الحكومة تفاوض الحركات المسلحة تحت ضغوط دولية وخلافات وانقسامات وسط الحركات المسلحة بفصائلها المختلفة وارتباطاتها بقوى أجنبية إلى جانب تطلعاتهم الكبيرة التي لا تقتصر على تقسيم الثروة والسلطة فقط وإنما يأملون بحكم السودان كلّه!!. ولتفعيل مباحثات أبوجا قامت الحكومة بتكليف علي عثمان طه نائب الرئيس ليقود وفد الحكومة المفاوض بأبوجا لعله ينجز السلام بدارفور كما أنجزه من قبل مع جون قرنق في نيفاشا، وستضطر الحكومة السودانية إلى تقديم مزيد من التنازلات؛ لأن الوقت ليس في صالحها، وحتى لو تم حل أزمة دارفور فإن هناك مشكلة الشرق التي ستأخذ هي أيضا نصيبها من الوقت والمفاوضات، وذلك كلّه بسبب تجزئة حل مشاكل السودان فهل فات الأوان لحلول جذرية لجميع مشاكل السودان بجلوس كل القوى السياسية السودانية على طاولة واحدة لإيجاد حل سوداني - سوداني؟!