منيرة ناصر آل سليمان / أمريكا هل بعد الذي حدث أمام معهد الجوازات هناك من يهون من شأن البطالة لدينا؟؟ ويقول بتناقص معدلها؟ شيء مؤلم يبعث على المرارة حد البكاء! عشرة آلاف شاب (عشرة آلاف) من أبناء الوطن وسواعده وعماد مستقبله وتقدمه يتدافعون على خمسمئة وظيفة جندي فني، وبراتب أحسبه ضئيلاً!! منهم الجامعيون الذين قضوا أكثر من ستة عشر عاماً في الدراسة والتحصيل!! ولا ننسى صبر الآباء والأمهات وتعبهم وجلدهم! هكذا تصاغر حلمهم وليته تحقق!! لا أهوّن من شأن العمل ولو كان صغيراً.. العمل يبقى مشرفاً مهما صغر، لكن بعد لم نصل إلى هذه المرحلة أو أحسبنا كذلك..! إن ما حدث مؤشر خطير لما وصل إليه حال الشباب ومستقبلهم والخوف على الوطن ومستقبله هو الخوف الأكبر!! لقد انشرخت الأسطوانة التي يرددها البعض للتنصل من المسؤولية بإلقاء التهم على الشاب السعودي الذي بزعمهم لا يريد أن يتعب ويريد الراتب الكبير والوظيفة المرموقة والوجاهة الاجتماعية وغيرها من المعاذير الواهية على الأقل في هذا الوقت.. فهؤلاء الشباب رضوا بكل شيء وتنازلوا عن أشياء كثيرة! ومع هذا لم يتحقق لهم حلم الوظيفة!! ليست هذه المرة الأولى ولا أظنها - مع غياب محاسبة المسؤولين - ستكون الأخيرة!! الأمثلة متكررة في أكثر من دائرة ومتنوعة أيضاً، فقضية خريجي الدبلومات الوهمية - على الرغم من الفارق بين القضيتين - لا تزال ماثلة، وخريجو اللغة الإنجليزية بالذات لم يبتَّ في قضيتهم بعد!! حسرات هؤلاء الشباب مسؤولية من؟؟ وتبعاتها على من؟ هل بعد هذا نقول: لا بطالة لدينا بالحجم المخيف؟؟ بل هي كذلك. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. فآلاف الشباب المتنافسين على أعداد قليلة من الوظائف البسيطة يصور هذه المأساة بدقة! ويحكيها حال الشباب الذين تخطوا الثلاثين من أعمارهم، وهم لا يزالون في خط طويل لا يكاد يتحرك باحثين عن أي وظيفة وأي دخل.. فمتى سيتزوج هؤلاء الشباب؟ ومتى سيكوّنون أسرة؟ والأكثر وجعاً حين يكونون آباء فعلاً أو ممن يتحملون مسؤولية أسرهم وأهلهم! الوظائف بدأت تندر.. والشهادات لم تعد تنفع.. هذه حقيقة مرة خصوصاً أمام الأعداد الهائلة من المتعاقدين!! والوطن ما زال يتأثر بحجم الأموال الضخمة المهاجرة!! وسعودة الوظائف بعد لم تطبق كما ينبغي، ولا يزال الأجنبي هو المفضل على الرغم من كفاءة الموظف السعودي وإخلاصه لوطنه وبقاء راتبه في حدود الوطن! حتى لو علت شهاداته ووصلت للدكتوراه من أرقى الجامعات الغربية يبقى أقل في التقدير المادي والمعنوي أمام مثيله الأجنبي! الكلام يطول في هذا، ويشتد ألمه ولكن! لِمَ لم تفعِّل تلك الفكرة التي طرحت وتطرح كثيراً بعيداً عن الوظائف الحكومية؟ فليتها الدولة بوزاراتها المعنية تتعاون في طرح مشروعات صغيرة، وقد درست جدواها وحددت مواقعها مما يحتاجه الوطن والمواطنون، فتقرض هؤلاء الشباب ما يعينهم على النجاح بعيداً عن عشوائية المشروعات وتشابهها، والحد من فشلها وخسارتها بل وتركزها في مناطق معينة. وبالتالي يعود النفع بتسهيل الرزاق الكريم على الجميع.. هكذا سيخف الضغط على الوظائف الحكومية، وسينطلق الشباب نحو مستقبل أرحب وأكثر تنوعاً، واقتصاد الوطن سيرتقي بالطبع بتوفيق الله تعالى. أعود مجدداً لما حدث في معهد الجوازات فهو موجع بحق.. فالمعهد مخطئ جداً بهكذا تصرف، فسوء التنظيم أدى إلى الفوضى ومن ثم التدافع والإصابات. المفترض أن يستفيدوا من أخطاء السنوات السابقة، وهم على علم بالأعداد الهائلة المتقدمة، فيتداركوها باختراع الأرقام!! المعمول به لدى جهات يتقدم لها أكثر من هذه الأعداد! فضلاً عن النت، فتكتيلهم بهذه الطريقة المهينة وفي مساحات ضيقة، وجعلهم يضطرون للتدافع للحصول على استمارات القبول التي نثروها لهم على الأرض..!! والمأمول منكم أن يتم التعامل مع هؤلاء الشباب باحترام وتقدير كبير، فهم جاؤوا ليكونوا أعضاء نافعين في مجتمعهم.. بعرقهم وجهدهم وتعبهم، وما كانوا متسولين!! [email protected]