إن فقد الوجهاء والرموز يعد من الأمور التي تستوقف الناس لمعرفة المآثر والأعمال التي قدموها لأنفسهم ودينهم ووطنهم، حيث فقدت بريدة أحد أبنائها البررة، وعلماً من وجهائها البارزين. لقد فجع الجميع بوفاة الشيخ صالح السلمان الرجل المكافح العصامي الذي بدأ حياته من الصفر، واستطاع الوصول إلى هذه المكانة النبيلة بجهوده وصدقه وإخلاصه ونصحه لدينه ووطنه وولاة الأمر. لقد كان رصيد هذا الرجل كبيراً في مكارم الأخلاق، حيث فتح بيته وماله وقلبه للناس فأحبهم وأحبوه، وكانت نتيجة ذلك ماثلة في حياته ويوم مماته، فكما قيل (موعدكم يوم الجنائز)، فالناس شهود الله في أرضه، فقد رأيت بنفسي مشهداً من المشيعين لجنازته لم تشهده مدينة بريدة من قبل. كما توافد على منزل الفقيد جموع كبيرة من المعزين على رأسهم الأمراء والعلماء والوجهاء من داخل منطقة القصيم وخارجها، وفوق ذلك كله تعازي ولاة الأمر وكبار المسؤولين، لقد كان للفقيد دور واضح ومشهود في مشاركاته الفعالة في كثير من المناشط الاقتصادية والاجتماعية والخيرية. فكما قال الإمام الشافعي (رحمه الله): قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات لم يكن الفقيد عالماً ولا طالب علم، لكنه تعلم في مدرسة الحياة فنجح بامتياز، وعمل فنال مرتبة الشرف. السلمان ليس أكثر غنىً لكنه تميز عن كثير من الأغنياء والموسرين بالبذل والعطاء في وجوه الخير المتعددة، والسلمان كغيره من العاملين، وقته ثمين ومحدود لكنه أعطى جُلّ وقته لوطنه ومجتمعه، فكان عضواً نافعاً في الكثير من الجمعيات الخيرية والشركات والمؤسسات والأندية الرياضية. كما كان رئيساً للجنة أهالي منطقة القصيم وغير ذلك من المناسبات الوطنية والاجتماعية داخل القصيم وخارجها. لم يكن السلمان صاحب منصب يجتمع إليه الناس لقضاء حوائجهم، لكن أعماله ومساهماته الإنسانية في المجالات الخيرية ووقوفه مع المحتاجين وأنه بذل نفسه للشفاعة بالمعروف لدى المسؤولين أكسبه حب الناس، فكما قال الشعر: فاختر لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثانٍ لقد كانت الكلمة السائدة بين المعزين هي أحسن الله عزاء الجميع، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.