يعتبر العنف الرياضي من الظواهر الرياضية القديمة على المستوى العالمي حيث كانت أول أحداث عنف رياضي في العصر الحديث وقعت في تصفيات كأس العالم عام 1964م حيث حدثت معركة بين الجماهير أثناء مباراة بيرو والأرجنتين، وكانت حصيلة تلك المعركة أكثر من (300) قتيل وأكثر من (500) جريح، ومن أكثر الملاعب الرياضية التي اشتهرت بالعنف الرياضي الملاعب البريطانية حيث لا يكاد يمر موسم رياضي إلا ويتسبب المشجعون المتهورون في كوارث عنف ينتج عنها أضرار بشرية ومادية، بل قد تزهق فيها أرواح بريئة. ما هو وما أسبابه؟ تطلق عبارة العنف الرياضي على الأعمال والممارسات العنيفة والضارة الموجهة ضد المنظمات والهيئات الرياضية وضد الأفراد أو المجموعات الخاضعة تحت سيطرتها أو تنتمي إليها. وهناك شكلان رئيسيان من العنف الرياضي هما: العنف المباشر والعنف غير المباشر، ويشمل العنف المباشر القتل، والضرب، وهدم الملاعب، وتكسير المرافق، ودخول الملاعب بالقوة وغيرها من الأساليب الغوغائية والمصحوبة بعنف وقوة. أما العنف غير المباشر فيقصد به الوسائل غير الواضحة التي يستعملها الأفراد لإخضاع الجمهور، مثل: الإهانة، السب، الاستفزاز، الانحرافات السلوكية مثل تعاطي المنشطات، التحريض على العنف، تجريد الأفراد والمجموعات من حقهم في التمتع بالنشاط الرياضي. ومن أبرز أسباب العنف الرياضي ما يلي: * تحول الرياضة ومنافستها إلى متنفس للعديد من الأفراد الذين لديهم مشاكل خاصة سواء السلوكية أو الاجتماعية أو الاقتصادية، فيلجؤون للعنف كتعبير وتفريغ في ذات الوقت لشحنات من الألم والغضب وعدم الرضا من خلال هذا الحدث الرياضي. * وجود عدد كبير من الجماهير ممن لديهم تلك المشكلات مما يجعلهم يتصرفون بشكل فردي لا يلبث أن يتحول إلى جماعي تحت تأثير (التفكير الجماعي) لهذه التجمعات وما يصحب ذلك من تخريب ومشكلات يعاني منها الآخرون ممن ليس لهم أي ذنب في مثل هذه التصرفات. * قلة أو انعدام التوعية خارج وداخل الملاعب الرياضية وبشكل فعال ومؤثر، ومن ذلك استخدام شاشات الملعب وأجهزته الصوتية لمحاربة مثل هذا العنف عقب المباريات الحاسمة والهامة لهذه الجماهير. * لوحظ أن معظم من يمارسون العنف الرياضي قد تعرضوا لإحباطات خلال مراحل دراستهم، وأن معظمهم كانوا من عوائل غير مستقرة ومن طبقات اجتماعية عاملة كما أن معظمهم لم يكن لهم وظائف منتظمة. * التغطية والإثارة الإعلامية غير المنضبطة، وذلك من خلال تحيز بعض وسائل الإعلام لبعض الفرق دون غيرها، أو عن طريق النقد اللاذع وغير العادل من قبل بعض الصحفيين الرياضيين الذين يتحيزون لفرق دون أخرى. * وهناك أسباب أخرى يمكن إجمالها في النقاط التالية: 1) أهمية الفوز لكلا الفريقين واقتراب المنافسات الرياضية من مراحل الحسم، كنهاية الدوري. 2) أن تجمع المباراة الرياضية بين فريقين من مدينة واحدة. 3) إقامة المباريات ليلاً بدلاً من النهار، إذا وجد أن ذلك يرفع معدلات العنف لدى الجماهير. 4) ارتفاع درجة حرارة الجو أثناء إقامة المباريات الرياضية، فزيادة الحرارة تزيد من احتمالية وقوع العنف. 5) تعرض أحد الفريقين للظلم من قبل الحكم. 6) الشحن الإعلامي وتصوير الفرق بأنها أندية أو فرق مستهدفة وتحاك ضدها المؤامرات. 7) ازدياد حالات الشد والعنف داخل الملعب بين اللاعبين وزيادة حالات الإنذارات والطرد. 8) ارتفاع أعداد الجماهير. 9) نوعية الجماهير: فالعزاب غير المتزوجين والشباب غير كبار السن وذوي الدخل المرتفع غير ذوي الدخل البسيط. 10) جذور المنافسة بين الفريقين المتباريين. حلول مقترحة إن هذه الظاهرة الرياضية الخطيرة إذا تركت ولم تعالج من البداية يستفحل خطرها، ويصعب بعد ذلك السيطرة عليها، حيث إنها تنمو كالسرطان خاصة إذا ما وجدت شباباً بعيدين عن الهدي الإسلامي والأخلاق الفاضلة ووجدوا قدراً كبيراً من الفراغ إضافة إلى المال، إذ إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة، ومن الحلول المقترحة للوقاية من ظاهرة العنف الرياضي وعلاجها ما يلي: * تكثيف الوعي الديني في المجتمع إذ هو اللجام الذي يحد من تفاقم هذه الظاهرة، وقد كانت تجري مسابقات رياضية على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم - في الجري أو سباق الخيل والهجن أو في الرمي، وكان هناك مشجعون لكن لم يسجل التاريخ شيئاً من العنف الرياضي في تلك الفترة، وما نراه اليوم من عنف في مجتمعنا إنما هو لضعف في الإيمان وتقليد غير واع لمجتمعات غير مسلمة. * أن يقوم المهتمون بالتربية والتعليم بشكل عام ومعلمو التربية الرياضية في المدارس بشكل خاص بتغيير الكثير من السلوكيات والتصرفات المرتبطة بالرياضة وغير المرغوبة في الطلاب والتي منها العنف الرياضي. * التعامل مع مثيري العنف الرياضي بحزم، والعمل على عدم دخولهم للملاعب والتقاط صور لهم أثناء قيامهم بالعنف، وعقوبتهم بعد ذلك، مثلما يحدث في بعض البطولات الأوروبية، فهذه العقوبة تؤثر في الآخرين ممن يفكرون في ارتكاب العنف الرياضي مرة أخرى. * تكثيف وجود رجال الأمن بعدد يتناسب مع حجم المباراة الرياضية أثناء وعقب المباريات الحاسمة، وهذا يرفع معدل الحذر والخوف لدى الكثير من مثيري العنف من الجمهور بعد المباراة. * أن يشارك لاعبو الأندية الرياضية في معالجة العنف من خلال مطالبتهم للجماهير الرياضية بالتحلي بالروح الرياضية أثناء المباريات، وكذلك أن يقوم لاعبو الفريقين الرياضيين المتباريين عقب المباريات بالسلام ومصافحة بعضهم البعض، وما أجمل أن يتبادل لاعبو الفريقين القمصان الرياضية بعد المباراة الختامية. أخيراً: إن العنف الرياضي من أخطر الأمراض الفتاكة في جسم الرياضة الجميل، ومتى ما ترك هذا المرض يستشري في هذا الجسم فإنه سيهلكه يوماً ما، لذا فإن على جميع المسئولين ذوي العلاقة ومحبي الرياضة والرياضيين في بلادنا إن يدركوا حجم هذه الظاهرة، ويتعرفوا على أسبابها، ويسعوا إلى علاجها.