حين تغيب شمس الرجال يشعر ذوو القربى والمودة بعزيز فقدهم ووجد فراقهم، فتئن الأفئدة وتدمع العيون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. لقد كان الشيخ عثمان الصالح أنموذجاً للمربي الصالح، سطر بتعامله وسماحته ودماثة خلقه سيرة عطرة للعظماء والكبار. وحين ابتدأت الثلوثية بدارتي بعد أن ارتبطت وقتاً منتظماً بالاثنينية التي كان يقيمها في دارته رحمه الله. كان من أوائل من شجعني وآزرني، بل كان يحضر حتى في سنين عمره الأخيرة، فقد أثقله المرض إلا أنه لم يتوانَ عدة مرات من الحضور والتشجيع لأحد أبنائه.وإن نسيت فلا أنسى اتصاله ذات مرة، وقال: سأحضر لكن هناك مناسبة زواج مهمة سوف أمر عليهم ثم آتيكم، وبالفعل صدق وهو كذلك؛ فقد حضر يهادى بين اثنين جراء الإرهاق الذي كان يطوقه. لا أحسبُ أن اجتماع الناس كافة على محبته وتقديره جاء محض صدفة أو موافقة عادية، بيد أن القبول منحة من الله يمنحها من يشاء من عباده. عاش - رحمه الله - بقلب مضيء يستخرج ما استودعه لسانه من عبارات الأدب والاحترام والثناء والمودة التي تجمع القلوب ولا تفرقها. ما أحوج مجتمعنا بحق، وقد أثقلته طعون الدنيا وثقوبها أن يستظيء بتلك السمعة الصالحية التي غاب جسدها، إلا أن آثارها باقية.. وصدق من قال: وما المرء إلا ذكره ومآثره.. رحم الله الشيخ عثمان الصالح الذي عاش لطيفاً شفيقاً عفيفاً لسانه ومات وألسن لا حصر لها تبكي على فقده وفراقه. وأحسن الحالات حال امرئ تطيب بعد الموت أخباره يفنى ويبقى ذكره بعده إذا خلت من شخصه داره سيذكرك الأوفياء بكل خير كما أحسنت إليهم بعطفك وحدبك عليهم.