يموت سائر الناس فلا يكترث لموتهم أحد اللهم إلا أهلهم وذووهم أمام الخاصة من الأمراء والعلماء والمسؤولين والوجهاء في بلدانهم فإن المساجد تمتلئ بالمصلين عليهم والمشيعين لهم والمعزين فيهم. تذكرت هذا وأنا أشاهد ذلك الحشد الغفير من جموع المصلين والمشيعين والمعزين في وفاة فقيد الرس وعميد أسرة المزيني الشيخ محمد عثمان المزيني الذي وافاه الأجل المحتوم وغيبه هادم اللذات ومفرق الجماعات يوم الأربعاء الأول من صفر الجاري بعد معاناة طويلة مع المرض وبعد حياة حافلة بالجد ولاجتهاد والمثابرة في طلب الرزق ليصبح في عداد الأثرياء في مجتمعه. وقد حفل الفقيد يرحمه الله بكل هذا الوفاء من أبناء الرس بسبب ما عرف عنه من حبه لأعمال الخير وبخاصة بناء المساجد والجوامع المكلفة داخل الرس وخارجها.. وأذكر أنني مرة قرأت في إحدى الصحف المحلية عن حاجة جامع القيصومة في الشمال إلى من يتبرع لسداد ما تبقى من تكاليفه فأخبرته بهذا الأمر فما كان منه إلا أن ناولني على الفور دفتر شيكاته وقال أكتب لهم ما يحتاجونه وأوصاني بأن أخبره عن أي مسجد بحاجة إلى البناء أو الترميم.. رجل فاضل تشعر من كلامه وأفعاله وتوجهه لأعمال الخير أنه إن شاء الله من أهل الخير وأنه ممن قال الله فيهم {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} الآية 77 سورة القصص. تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وألهم أهله وأبناءه وإخوانه ومحبيه وأنا منهم الصبر والاحتساب وقيض من أبنائه من يحذو حذوه ويصل ما سوف ينقطع بوفاته من تواصله مع الأعمال الخيرية والقائمين عليها وإلا فهذه حال الدنيا تجمع وتفرق والموت والفناء هو مصير ونهاية كل الأحياء والبقاء والخلود هو لخالق الوجود لكننا نتذكر في مثل هذه المواقف أهمية أن يكون الإنسان عضواً فاعلاً في مجتمعه ولا يعيش فقط لنفسه ولحياته الخاصة حتى يحظى بما يحظى به كرام الناس وفضلاؤهم من مثل الفقيد الغالي من التقدير في حياتهم والذكر الحسن بعد مماتهم، فالذكر للإنسان عمر ثانٍ.. والحمد لله على قضائه وقدره.