في يوم السبت 7/9/1435ه شاءت إرادة الله ولا معقب لحكمه أن يأمر ملك الموت فيقبض روح الوالد الغالي عبدالله محمد صالح السديري بعد معاناة مع المرض وهو صابر محتسب لم نسمع منه كلمة شكوى أبدا، بل كان دأبه دوما الذكر والحمد لله تعالى، وهي حكمة الله عزوجل وكمال تدبيره اذ قدر لكل مخلوق أجلا محدودا لا يتعداه مدركين أن الموت حقيقة لا جدال فيه ومصير ينتظر كل إنسان وجعله الله محتوما على كل العباد اذ قال تعالى "كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون". وعلى الرغم من هذه الحقيقة الجلية الا ان الانسان يفجع والعين تدمع والقلب يحزن خصوصا أن فراق القريب او الحبيب يكون شديد الألم فكيف اذا كان الفقيد أحد الوالدين او بمثابتهم. لقد حبا الله الوالد عبدالله رحمه الله صفات كثيرة وسمات جليلة ابرزها حرصه الشديد على فعل الواجبات في أوقاتها وتأدية الخيرات والمبادرة والمسارعة الى اداء الصلاة في المسجد رغم شدة مرضه حيث لم يكن يرضى بالصلاة الا في المسجد مهما كانت الظروف والاعذار فإذا سمع المؤذن ينادي للصلاة بادر الى المسجد مباشرة مقبلا بكل حرص وأسأل الله أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله وذكر منهم رجل قلبه معلق في المساجد. كما كان رحمه الله يسير في حياته على النهج الصائب ولذلك أحبه من عرفه بعد أن تلمسوا في شخصيته المساعد المعين بعد الله في مواجهة شدائد الحياة فقد نذر نفسه لخدمة الآخرين وقضاء حوائجهم ومصالحهم اذ كان أنموذجا صادقا للصلاح والتقوى والعبادة رحمه الله رحمة واسعة مما جعله حسن الذكر في حياته وعند مماته وعند دفنه، وحسن الذكر ممن يفعل الخيرات جائزته معجلة مصداقا لقوله تعالى "والذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم". كان شبيهاً رحمه الله بالمطر ينزل على الارض ببركات من السماء وذلك من خلال حبه للخير والعطاء بالصدقة والزكاة ومساعدة المحتاجين وحلقات تحفيظ القرآن الكريم، وسعيه في شتى دروب الخير برعاية الأرامل والأيتام وصلة الرحم وإصلاح ذات البين وغيره من العمل الخيري حتى أصبح من يراه في مجال من دروب الخير يظن أنه رحمه الله لا شغل ولا اهتمام له الا في هذا المجال. وقد قرأت يوم مماته تلك الحسرة تعصر دموع الأرامل والأيتام على فراقه ورحيل من وقف معهم في المحن والشدائد ولكن هذا قضاء الله وقدره. وقد تميز رحمه الله بطيبة القلب ولم يحمل كرها ولا حقدا لأحد أبدا بل كان يحب الجميع ويحسن اليهم حتى لمن يسيء اليه اذ كان يقابل ذلك بنسيان الإساءة ثم الإحسان والمحبة، كما كان رحمه الله محبا لجيرانه وجماعة مسجد الحي يتواصل معهم ويلبي احتياجات المسجد من ترميم ودعم لحلقات تحفيظ القرآن الكريم بالتجهيزات ووسيلة النقل. وما الجمع الغفير الذين تواجدوا على منزله للعزاء الا دليل على محبته الكبيرة في قلوب الناس والذكر الحسن الذي خلفه بعد رحيله رحمه الله. هنيئا لأبي صالح هذه السيرة العطرة والخاتمة الحسنة ان شاء الله وميتته العينة وأعماله الخيرية ودعاء كل من عرفه. إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا أبا صالح لمحزونون ولا نقول الا ما يرضي ربنا "إنا لله وإنا إليه راجعون" اللهم ارحم عبدالله محمد السديري وجميع أموات المسلمين اللهم ارفعهم في عليين وألحقهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين. أسأل الله بمنه وكرمه وإحسانه ان يتغمده بواسع رحمته ومغفرته وأن يسكنه فسيح جناته.