في منتصف عقد الثمانينيات الميلادية اطلعت على رسالة دكتوراه، وأظن أنها كانت لمعالي الدكتور عبد الوهاب عبد الواسع، ورد في هذه الدراسة ما مضمونه أن طالبنا يتخرج من المرحلة الثانوية وهو متفوق على نظيره الطالب الغربي في (كم) و(مقدار) ما درسه من مناهج ومقررات ومعلومات، وفي المقابل يتفوق الطالب الغربي على طالبنا في قدرته على ربط ما تعلمه في المناهج بواقع حياته اليومية، وفي قدرته على ممارسة وتجريب ما يتعلمه من مبادىء ومفاهيم وحقائق، وكذلك في قدرته على تقصي المفاهيم وجس الظواهر بأساليب وطرائق تحاكي أساليب تفكير العلماء. اليوم وبعد مضي عشرين عاماً تعود النظم التعليمية المتقدمة لتنادي عبر شعار (Less is More )بتخفيض كم المناهج والمقررات بهدف استخدام ما يتوفر من وقت بعد ذلك في اثراء تعلم الطلاب وانماء أساليب تفكيرهم واتاحة الفرصة لهم ليجربوا ويطبقوا ما يتعلمونه ويربطونه بحياتهم المعاشة، خصوصاً في المراحل المبكرة من التعليم.عندما يزيد كم المناهج عن الحد الذي يجعلها قابلة للتنفيذ الأمين والصادق في الوقت المتاح للتعلم فإن ذلك سوف يضغط بقوة على مستوى أداء المعلمين ويجعلهم مسكونين فقط بقضية انهاء المقرر بنهاية الفصل الدراسي، وهذا سيأتي حتماً على حساب المستوى النوعي لما يتعلمه الطلاب، علينا بعد أن نطمئن إلى أن مناهجنا تقدم تعليماً يحافظ على الهوية والأصالة الإسلامية التي تلائم المرحلة العمرية لطالبنا أن نعيد النظر في مناهجنا بهدف تخليصها مما قد يكون أصابها من تضخم وترهل.