لفت انتباهي ذلك الرسم الكاريكاتيري للرسام (هاجد) العدد (12194) في تاريخ 17-1- 1427ه، إشارة إلى فتاة وهي بكامل زينتها متعطرة متبرجة وهي تتمخطر في الأسواق أو في أحد المنتزهات والحدائق العامة، وقد أبدعت أنامل رسامنا تصويراً وحاكياً لواقع بعض فتياتنا اليوم، وقد أردت من خلال ذلك أن أنثر حبر قلمي أسطراً منثورة لهذا الواقع الذي نراه ليل نهار أمامنا. ذلك الرسم (الكاريكاتيري) وقد صور لنا الحال الذي يعصف ببعض فتياتنا اليوم واللائي إحداهن إن خرجت إلى التسوق أو إلى أحد الأماكن العامة حدائق كانت أو منتزهات أو.. تراها وهي تتجهز وتتزين بأجمل حلتها وأكمل رونقتها وآخر صيحات عطرها وكأنها ذاهبة إلى حفلة أو مناسبة ما. وعندما تراها الأعين وهي تتمخطر بمشيئتها وكأنها تدعو وتريد من الجميع أن يشاهدها ويتابعها وإن حصل ذلك وقد فتنت أحد المارة رغماً عنه برونقة لبسها وآخر صيحات عطرها تأتيها المضايقات وتحوم حولها الدوائر وتزحف إليها القلوب المريضة حينها تتذمر وتتأفف وتشتكي وترمي اللوم على هذا وذلك ونسيت وتناست نفسها بأنها هي من جلبت لها كل ذلك..! قد غاب عنها وهي خارجة من بيتها قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها). قد غاب عنها وهي تتمخطر في هذا المكان وهي آتية إليه بكامل زينتها قول الله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ...}. قد غاب عنها وهي آتية إلى هذا المكان وهي متبرجة أمر الله تعالى ونهيه عن التبرج (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى). قد غاب عنها وهي آتية إلى هذا المكان لو أنها أتته وهي متحشمة ومتسترة بالحجاب الاسلامي لم تر تلك المضايقات وتلك المزاحمات وحام القلوب المريضة حولها بل تحضر وتراها الأعين بكل احترام وتقدير إن حضرت محترمة وغادرت مصونة موقرة. قد غاب عنها بذلك قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}. إني أسكب حبر قلمي وبجرأته المعهودة متحدثاً من خلاله فلست بخطيب يلقي خطبته التوعوية أمام الملأ ولا بمحاضر يلقي محاضرته اليومية أمام طلابه بل كوني أحد الشباب الذي شاهد وما يزال وبكل أسف هذه المناظر والأسواق تزخر بها والأماكن العامة حدائق أو منتزهات تعج بها وقد فتنت الأعين وقبل ذلك القلوب، ألم يفقهن تلك قول الله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}. ولا نلوم ممن تراوده نفسه الأمارة بالسوء إلى ملاحقة ذلك العطر وتلك الزينة دون شعور ليس حباً في ذلك أو أن هوايته هي ملاحقة هذا الصنف بل الذي شاهده والذي افتتن به هو من أمره إلى تلك الملاحقة فالقلوب تستحقرها والأعين تعجب بها وتلاحقها عندها وإن وقع خطأ من ذلك الملاحق نجرمه ونضع اللوم عليه وحده وقد نسوا وتناسوا أن سبب تلك الملاحقة ذلك العطر وتلك الزينة..! وأخيراً وقبل أن يجف حبر قلمي أختم محذراً بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).