جاء الإسلام ليخلص البشرية من أدران الجاهلية وأمراضها، ويقوم السلوك الإنساني ضد أي اعوجاج أو انحراف عن الفطرة السوية، ويقدم العلاج الشافي لأمراض الإنسان في كل العصور القديم منها والحديث، مما حملته العصور الحديثة بتقنياتها ومستجداتها، وهو علاج تقبله كل نفس سوية، ولا ترفضه إلا نفوس معاندة مكابرة، جاهلة، أضلها هوى، أو متعة زائلة. وقد استوعبت الشريعة الغراء كل ما قد يقترفه الإنسان من ذنوب، أو محرمات في كل عصر، سواء كانت أقوالاً أو أفعالاً، أو حتى ما يعتمل في الصدور من مشاعر وانفعالات، وأبانت أسباب تحريمها جُملة وتفصيلاً في القرآن الكريم والسنة المطهرة، إلا ان الكثيرين مازالوا يسقطون في دائرة المحرمات هذه، إما جهلاً، أو استكباراً، أو استصغاراً لها، أو بحثاً عن منفعة دنيوية رخيصة واستجابة لشهوة لحظية، بل إن بعض هؤلاء يحاولون الالتفاف على حكم الإسلام الرافض لهذه السلوكيات، بدعاوى وأقاويل هشة لا تصمد أمام وضوح وإعجاز الإسلام في رفضه لهذه الموبقات التي تضر ليس مرتكبها فحسب، بل تهدد المجتمع بأسره. التبرج خطر ما حق، يهدد سلامة الأمة، يؤدي إلى التهلكة والضياع، ويفتح الباب لكثير من الآثام، لهذا نهى الإسلام كلية عن التبرج، وتوعد المتبرجات بالعقاب والثبور، إلا أن أعداء الإسلام راحوا يستقطبون النساء والفتيات المسلمات، حتى أضحى التبرج ظاهرة في زماننا يسمونها (موضة العصر)، دون وعي بمخاطرها ومفاسدها، التي نحاول إلقاء الضوء عليها، وبيان أسباب رفض الإسلام لها؟ و«الجزيرة».. تفتح ملف هذه السلوكيات المرفوضة، تذكرةً وعبرةً ووقايةً للمجتمع من أخطار هذه السلوكيات، وتحذيراً لمن يرتكبها من سوء العاقبة في الدنيا والآخرة، من خلال رؤى وآراء يقدمها أصحاب الفضيلة العلماء والقضاة والدعاة وأهل الرأي والفكر من المختصين كل في مجاله.. آملين ان تكون بداية للإقلاع عن مثل هذه السلوكيات التي حرمها الله، قبل ان تصل بصاحبها إلى الندم وسوء الخاتمة.. ولله الأمر من قبل ومن بعد. بداية يطرح الشيخ صالح بن عبدالرحمن الخضيري إمام وخطيب جامع الوسيطي ببريدة رؤيته في التبرج بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، موضحاً أن هذه الآية الكريمة تحتوي على نداء للمؤمنين، من الرحمن الرحيم سبحانه، يأمرهم بأن يقوا أنفسهم ومن تحت أيديهم من الزوجات والأولاد عذاب الله، والنار الكبرى، وإنما تكون الوقاية من النار بتعليمهم أحكام دينهم وأمرهم بطاعة الله ورسوله، وإبعادهم عن الشر والفساد والوسائل المؤدية إلى ذلك، قال قتادة رحمه الله عند هذه الآية: (تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية قذعتهم عنها وزجرتهم عنها) أه (تفسير ابن كثير 4-412)، ولقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه المسؤولية العظيمة، وأخبر أن الرجل (رب الأسرة) راع في بيته وأسرته وحافظ مؤتمن، وهو مسؤول ومحاسب، فلقد روى البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام الأعظم الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم) البخاري الفتح 13 رقم 121 - 111- 7138، وعند ابن عدي بسند صحيح عن أنس (إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ ذلك أو ضيعه). العناية بتربية الأولاد ويضيف الشيخ الخضيري: ومع أهمية العناية بتربية الذكور من الأولاد إلا أن الاهتمام بالمرأة سواء كانت زوجة أو بنتاً او يتيمة في حجر وليها أمر في غاية الأهمية، ذلك أن المرأة في عصرنا الحاضر مستهدفة من قبل أعداء الإسلام وأذنابهم من المستغربين، فالأعداء - قاتلهم الله - ركزوا على المرأة لعلمهم أنها أسرع تأثرا وتأثيراً من الرجل وعليه، فحرضوها على المطالبة بحريتها - زعموا - ودعوا إلى خروجها وعملها مع الرجال، وحسنوا لها التبرج والسفور والفتنة عن طريق موضات اللباس والمساحيق، حتى أصبحت سلعة يلعب بها اليهود بغرض التكسب والدعاية، فهم يملكون معامل الأقمشة والعطور والمساحيق. وأن الإسلام أمر المرأة بالقرار في بيتها، وعدم الخروج منه لغير حاجة، فإذا احتاجت فعليها أن تلتزم بالحجاب الشرعي، وأن تبتعد عن أسباب الفتنة والزينة وعن تبرج الجاهلية الأولى، قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}، فهل تدرون ما تبرج الجاهلية الأولى التي نهيت المسلمات عن فعله؟ قال مجاهد: كانت المرأة تخرج تمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية، وقال قتادة: كانت لهن تكسر وتغنج فنهى الله عن ذلك، هذا بعض تبرج الجاهلية الأولى، فأين منه تبرج النساء اليوم؟ وفي نساء المسلمين اليوم من تخرج من بيتها إلى السوق من غير حاجة، أو تخرج متزينة متطيبة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: (أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية)، أما وجد منهن من تخرج إلى السوق أو المستشفى أو إلى المناسبات وعليها ثياب شفافة تظهر المفاتن؟، فالخمار مع رقته لا يستر جميع الوجه، والذراعان مكشوفان والأكمام إلى العضدين وكل هذا ليس من الإسلام في شيء. ويتساءل الشيخ الخضيري، أين تربية المرأة على الحجاب والحشمة والحياء؟ أين التوجيه والرعاية من الرجل؟ أين القوامة والغيرة؟ أين الرجولة والحمية؟ قال علي رضي الله عنه: (ألا تستحيون؟ ألا تغارون؟ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن إلى الأسواق يزاحمن العلوج)، فكيف لو رأى الحال عند كثير من نساء المسلمين اليوم؟، والبعض منهن تخرج في زينتها متطيبة فاتنة تقف عند صاحب المحل وقد أبدت زينتها بلا حياء ولا خوف من الله، ثم تبدأ بمحادثته لغير حاجة، وممازحته بلا حياء، والله سبحانه تعالى يقول: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}, هذا وهن نساء النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات المبرآت من الشك والريبة، فكيف بغيرهن من النساء الأخريات اللاتي لا يقسن بنساء النبي صلى الله عليه وسلم. ومن المسلم به أن التبرج والسفور من أعظم أسباب الفتنة، ووقوع الفواحش، ولهذا حذر الإسلام منه، ونهى عنه أشد النهي، بل قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم (المختصر ص 526). وينتقد تبرج النساء، فيقول: تبرج النساء ضرر عظيم وخطر جسيم، يخرب الديار ويجلب على أهله الخزي والعار، فكم أوقع من فتنة وكم جر من مصيبة، وكم فرق بين الأحبة، وكم دنس من شرف، وأوقع في تلف، فاحفظوا نساءكم رحمكم الله، ولا تتركوا لهن الحبل على الغارب، فإن المرأة ضعيفة ناقصة عقل ودين، وعلى الرجال أن يكفوا النساء مؤنة الخروج إلى الأسواق أو يقللوا منها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وعليهم أن يأتوا بما تحتاجه المرأة وهي في بيتها فخير للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يرونها {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. المتبرجة.. متسولة!! ويرى د. محمد بن عبدالله السحيم الأستاذ بجامعة الملك سعود بالرياض قضية التبرج من زاوية أخرى، يوضحها بقوله: تزدري النفوس التسول إذا صاحبه ادعاء حاجة وتمظهر بالفقر، وتشفق القلوب على المتسول إذا تيقنت حاجته، وتأنف النفوس الأبية الكريمة من السؤال وإن كانت محتاجة، إذاً فالنفوس ما بين مزدرية للسائل ومشفقة عليه، ومتعففة عن المسألة، وأسوأ التسول ما كان عن ظهر غنى، وكان استجداء لمشاعر يفتقر إليها السائل، كمن يسأل لفتة حب، ونظرة إعجاب، ولمسة حنان.. وما ذاك إلا لأنه إعلان صريح أن صاحبه محتاج إلى الحب ومفتقر إلى الحنان، ومشتاق إلى العطف والإعجاب، وأسوأ منه حينما يسأل المتسول من لا يستطيع الوفاء بمسألته كمن يسأل اللصوص وقطاع الطريق. فالمرأة التي تخرج من بيتها لتعرض مفاتنها على كل غاد ورائح، لسان حالها يقول: نظرة لو تكرمتم، شفقة إن أحسنتم، إنني بحاجة إلى من يملأ قلبي حباً وحناناً، إنني أعلن لكم أنني متسولة مشاعر، وفقيرة عواطف تقول ذلك وتعلم أن من أمامها رجلان: رجل قد استغنى بالله وعف عما حرم الله عليه، فلا ينظر إلى ما حرم الله عليه، فهي تعلم أنها لا تجد حاجتها لديه، ورجل لم يستغن بالله، أطلق لبصره العنان، يرمق هذه وينظر إلى تلك يتطاول بنظره إلى عرض غيره، ويمتد إلى ما لا يحل له، مثله كمثل اللص يسرق المتاع، بل انتهاك الأعراض والجرأة على المحارم أعظم بشاعة، ومن بضاعته التطاول على الأعراض، والجرأة على المحارم، لا ينتظر منه أن يمنح الحب، أو يخفض الجناح حناناً، أو يعطف على محتاج، بل غاية مرامه إشباع شهوة حاضرة لا يعنيه من يدفع ثمنها. أما المرأة التي وعت تعاليم دينها فأغناها الله، فأنفت من السؤال، وعرفت أن من يتسول لإشباع مشاعره وعواطفه أحط شأناً ممن يتسول طلبا للقمة والكساء، وكانت هذه حالها، فإنها تكره كل عين تتطاول عليها، لأنها تعلم أنها عين مختلسة تنهش عرضها، وسارق العرض أعظم جرما من سارق المال، لأن هذا يسرق المال، ويذهب به، وسارق العرض ينتهك العرض ويضر النفس، والنفس أغلى من المال، وقد كان الجاهليون يكرهون من يشبب بنسائهم، بل ربما نشبت الحرب لأجل قصيدة قالها شاعر في وصف امرأة رأى فيها ما يدعوه إلى وصفها، والتعريض بها. ويضيف د. السحيم إن أشد أنواع التسول بشاعة، تسول الحرة حين تستجدي المشاعر، وتستدر العواطف، إنه الاستجداء الرخيص، بالغالي النفيس، وهو نفسها وعرضها، وقد قالت هند بنت عتبة رضي الله عنها: (تموت الحرة ولا تأكل بثدييها)، والذي يكشف بشاعة هذا الأمر، أنها تستجدي هذا الاستجداء وهي آمنة في سربها، عندها قوت دهرها، وما ترميه من الملابس يكسو أسرة كاملة من أسر المسلمين في أصقاع الأرض، وصدق الأول حينما قال: لا تحسبن الموت موت البلى فإنما الموت سؤال الرجال كلاهما موت ولكن ذا أفظع من ذاك لذل السؤال القدوة والمتابعة أما الأستاذة هلا الحميداني المشرفة المركزية بالإدارة العامة لتوجيه وإرشاد الطالبات بالرياض فتلخص مفهوم التبرج المذموم، في أنه تعمد لإظهار الزينة التي نهى الله تعالى على إبدائها إلا للمحارم، وهو التبرج الذي حذر القرآن الكريم منه: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى}، ومن أسباب الإقدام على هذا الفعل الممقوت ضعف أو انعدام التربية الأسرية الرشيدة، وغزو الفضائيات للبيوت الحصينة، والرفقة السيئة، وكثرة الخروج للأسواق والأماكن العامة بلا داع. وتضيف هلا الحميداني: أن عدم قيام الوالدين ولاسيما الأم بمسؤولياتها في متابعة أبنائها وبناتها، سبب في كثير من الأمراض الاجتماعية والأخلاقية، ومنها التبرج.. يضاف إلى ذلك تأثير الفضائيات التي حطمت الحياء في نفوس كثير من نساء المسلمين، فاستهان النساء بالحرام، وقل شعورهن بالعيب، خاصة في ظل من يشجعهن على ذلك من رفيقات السوء في المدارس، أو أماكن العمل ومجالس السهر وغيرها. والعلاج يبدأ بالتشخيص السليم لأسباب المرض، وبناءً على الأسباب التي أشرنا إليها يكون العلاج بتكثيف التوعية للأم خاصة، وكذلك الأب بمسؤوليتهما تجاه أبنائهما، فدور الوالدين لا يقتصر على التطعيم ومعالجة ارتفاع الحرارة وشراء ملابس العيد، بل إن مهمتهما الأولى أن يحملا الأبناء أمانة هذا الدين كما أمر به الله، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يكون مناخ البيت عبقا بالإيمان والطاعة، ولابد من مد جسور للتفاهم والحوار بين الآباء والأبناء، وفرض نوع من الرقابة على ما يشاهده الأبناء مما تبثه الفضائيات، فمتابعة أغنية أو فيلم قد يهدم ما يبنيه الآباء في سنوات. وتشير الأستاذة الحميداني إلى أهمية الرفقة الصالحة، وحسن انتقائها، وإشغال الوقت بما ينفع، والقرار في البيت، والاحتساب في ذلك كله مما يحد من التبرج ومظاهره، كذلك الاهتمام بالعلم الشرعي والتوعية بجزاء المتبرجة، من خلال المحاضرات والندوات وغيرها من الوسائل.. وتوافر القدوة الصالحة، الأم لبناتها، والمعلمة لطالباتها، فحرص الأمهات والمعلمات على الحجاب الشرعي يبلغ في نفوس البنات مالا تبلغه الكلمات. أشكال التبرج من جانبها تؤكد الأستاذة حصة الماضي المشرفة المركزية بالإدارة العامة لتوجيه وإرشاد الطالبات بالرياض أن التبرج هو نتاج لموجة شرسة من محاولات أعداء الإسلام، تهدف إلى التأثير على أبناء وبنات الأمة، وصدهم عن الأوامر الإسلامية، وللأسف فإن البعض تأثر بهذه الحملات، فوقع في عدد من المخالفات الشرعية والمحاذير السلوكية، فانتشرت في المجتمع بعض الظواهر السيئة، ومنها التبرج والسفور، حيث خرجت النساء المسلمات إلى الأسواق والشوارع متبرجات، كاسيات عاريات مخالفات بذلك أوامر الله سبحانه وتعالى بالتستر والحجاب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}. والتبرج في الشرع هو إظهار المرأة زينتها، وإبراز محاسنها، وهو نقيض الستر والعفاف، وفي ضوء هذا التعريف، فإن للتبرج أشكالاً متعددة، وليس بالضرورة أن المرأة كاشفة الوجه أو الساق وحدها هي المتبرجة، وإنما كذلك كل امرأة تخالف في لباسها شروط الحجاب الشرعي التي ذكرها العلماء، هي استيعاب اللباس لجميع بدن المرأة، وألا يكون زينة في نفسه، وأن يكون فضفاضاً غير ضيق، وألا يكون شفافا يصف الجسد أو مبخراً مطيباً، كذلك ألا يشبه لباس الكافرات أو الرجال، وألا يكون لباس شهرة يلفت الأنظار. وتضيف الأستاذ الماضي: وعلى كل مسلمة الحذر من مخالفة هذه الشروط، والإنجذاب للشيطان وأعوانه ممن تفننوا في تصنيع الحجاب تحت مسمى (الموضة)، ومن مظاهر التبرج الأكثر خطراً وعصياناً خلع الحجاب وإظهار المرأة شيئا من جسدها أمام الرجال الأجانب، أو إبداء شيء من الزينة، مثل الملابس التي تحت الجلباب، أو لبس العباءات المفتوحة والمزركشة أو الشفافة أو الضيقة، أو بتثني المرأة في مشيتها وتبخترها وتكسرها أمام الرجال، كذلك فإن من التبرج الضرب بالأرجل أو الخضوع بالقول أو ملامسة أجسام الرجال بالمصافحة أو التزاحم في الممرات والأسواق، ومن تفعل شيئاً من ذلك موعودة بأشد العذاب، فلا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها.. كما جاء في الحديث الشريف. وتحذر المشرفة المركزية لتوجيه وإرشاد الطالبات من تستر دعاوى التبرج والسفور خلف شعارات تحرير المرأة، أو السعي للحصول على حقوقها أو دلائل التقدم وغيرها، وغيرها من الدعاوى المغرضة التي يجب أن تنتبه لها المرأة المسلمة، وتستعين بالله ثم بالعلم الشرعي، حتى لا تسقط فريسة للذئاب. وصدق الشاعر حين قال: حُلل التبرج إن أردت رخيصة أما العفاف فدونه سفك الدم التبرج والسفور أما الأستاذة حفصة الطاسان المتخصصة في القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بمحافظة الرس فتقول: لا يخفى على أي مؤمن صادق ما عمت به البلوى من تبرج النساء وسفورهن في دول متعددة من العالم الإسلامي، ولا تزال النار تسري في الهشيم، فمن يتأمل حال المرأة المسلمة والغزو المكثف لإخراجها من عفافها، ليتألم أشد الألم، فقد دأب أعداء الإسلام من المنافقين والمرجفين في الأرض، ومن وراءهم من العلمانيين والحداثيين ومن خلفهم من ملل الكفر، لاختراق صفوف الأمة من جانب النساء، وتوجيه السهام إليهن، حتى بدأ يظهر علينا كل حين سهم مسموم، مرة يتجه نحو جذب المرأة خارج بيتها، ومرة في حجابها ومحاولة إسقاطه، وأخرى بإفسادها بالتهتك والعري، وأظهروا الشماتة بقوامة الرجل، ووضع المرأة في النظام الإسلامي بطريقة خبيثة، ترمي إلى الانحراف بالمرأة عن مسيرتها الربانية، بحجة حقوقها الفطرية - زعموا -، فكان من مخططاتهم: 1- مطالبتهم بإخراج المرأة من بيتها، حتى صوروا لكثير من النساء أن خروجهن لعمل أو اجتماع مختلط حق لهن ينبغي أن يطالبن به، وأن قرارهن في بيوتهن سجن وقيد، وأن وظيفتهن في هذا العصر خارج البيت لا داخله، بحجة ارتقائهن في مجال الفكر والعمل، واستقلالهن الاقتصادي، وحاجتهن إلى قيادة السيارة، والنوادي الرياضية، والمسارح، وغيرها من أنواع التبرج والسفور، بل لقد جندوا قنواتهم لبث ما يمحو العفاف وينبذ الحشمة، فجعلوا التمازج بين الفتى والفتاة في منتديات دولية، خالية من القيود الشرعية بطريقة سباق ساخر بمقومات الحياة الإسلامية، وما ذاك إلا لعلمهم بأن المرأة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي، وأنها قابلة لأن تكون أخطر أسلحة الفتنة والتدمير، فكان لها النصيب الأكبر من مؤامراتهم، حتى تودع المرأة المسلمة جميع تبعات الحياة المنزلية، وتدخل في النشاط السياسي والاقتصادي والعمراني، حذو القذة بالقذة، كما فعلت الغربية. 2 - أصبح الحجاب عندهم قضية القضايا، وفعّل المرجفون في الأرض ما يريده أعداء الأمة، فها نحن في كل يوم نرى حديثا حوله، ونشاهد ضربات تهزه، حتى بدا ضعيفاً ملوناً، ليس له من شروط الحجاب الشرعي إلا الاسم، فأصبح للزينة وليس لإخفائها كما أمر الله - عز وجل - وظهرت عباءات متعددة تبرز أنوثة المرأة، وتزيد من جمال مفاتنها، فمن المطرزة أو المزركشة إلى عباءة الكتف ثم العباءة المخصرة، مع النقاب الواسع، حتى تجاوز الأمر إلى تعرية أكثر الوجه والشعر والنحر إلى آخر هذه الهيئة القبيحة المعروفة. الصور المؤلمة وتضيف الأستاذة حفصة الطاسان: وإزاء هذه المخططات يجب أن تعلم كل امرأة مسلمة أن الشروط التي فرضت على المرأة في حجابها ليست تقييداً لحريتها كما يردده الأعداء، بل هي وقاية لها أن تسقط في درك المهانة ووحل الابتذال، وسداً لذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج والصور المؤلمة التي تفسد القلوب وتعصف بالعقول، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} وأن تعلم أن تدخل الأعداء في هيئة المرأة وزيها بغزو فكري منظم على صفحات الصحف والمجلات، أوما تحمله الفضائيات من صور للنساء العاريات، والشباب الخليع يهدف إلى ضرب الأمة الإسلامية في عقيدتها وأخلاقها، نلاحظ الآن أنماطا من الملابس العارية بشكل مفزع في مجتمعنا الإسلامي، ثياب لا أكمام لها وثياب قصيرة وبناطيل وفتحات سفلية وعلوية، انتشرت في أوساط النساء على اختلاف أعمارهن. وتتساءل الأستاذة الطاسان: أي جمال تجده تلك التي عرت جسدها؟! وأي أناقة تجدها تلك التي تحضر إلى الحفلات بما يشبه (قمصان النوم)، بل هي أسوأ من ذلك، وما ذاك إلا بسبب غياب الوازع الديني، ووسائل الإعلام المفسدة التي دخلت عامة البيوت إلا من رحم ربي، فصارت الأجساد العارية في القنوات الفضائية حية متحركة، فنشأ الفساد والتحلل، كما أن للبيئة التي تعيش فيها المرأة أثر في ذلك، فماذا يرجى من بنت تنشأ وسط أم وأخوات مبتذلات؟! وإذا كان دور الأب ضعيفا فإن دور الأم خطر جداً، وإذا كات بعض الأمهات على ما ذكرت، فقل على نشئهن السلام، فلا يستقيم الظل والعود أعوج.. لذا أقول لكل مسلمة: أخيتي: إن جسدك المعرى سيشهد عليك في يوم لا تنفعك فيه الأناقة، فصوني عفافك قبل أن يستفحل الداء، ولا ينفع الدواء، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها).