حينما يطل موكب الإجازة,, ترسو سفن العمل,, النفوس تتلهّف لضفاف الاسترخاء,, القلوب تكتظ بالمشاعر,, الوجوه تفيض بالشوق,, حوارات البهجة تلوّن الشفاه,, الاجازة حبلى بالمناسبات السعيدة,, كروت الدعوة و بطاقات الفرح تركض في ساحات المطابع تحت مظلة الاستنفار في موعد صيفي معتاد مسكون بمشاعر السعادة قصور الافراح تستعدّ لاستقبال طابور الحفلات في سباق محموم محفوف بالعروض,, البيوت تتهيّأ لاتمام مشاريع الزوجية,, تمتطي صهوة الإعداد الاسر تذرع الاسواق,,تنهمك في تجهيز المطالب,, ورسم فقرات المناسبة,, وكتابة تفاصيل الحفل الماتع,,صخب الحدث الجميل يهيمن علىمجرى الحوار,, وبريق الفرحة يكسو ملامح الجميع,, وانتظار لذيذ موسوم بالترقّب,, لتغدو المناسبة دائرة مضيئة تجمع القلوب,, تطرد الشحوب,, تزرع بذور التواصل وتنشر ظلاً عامراً بروح المودة,, فمرحى لكلّ زيجةٍ مباركةٍ تنأى عن دوائر البذخ وتنعتق من إطار الإسراف وتتخلص من خيوط التبذير عبرإنفاق معتدل واحتفال متّزن، فلم تكن مناسبة الفرح قناة للإهدار والتبديد أو فضاءً لاحتفالٍ صاخبٍ مثقل بألوان الزينة، الموغلة في الإجحاف,, أجل ما أروع أن تتّسم مظاهر الفرح بالواقعية والاعتدال الذي يخفّف من وطأة المطالب ويشيع جواً مفعماً بالقيم الروحية الاصيلة التي هي من أهم مقوّمات المناسبة السعيدة,, وهي الركيزة الاولى لنجاح هذا المشروع العابق برائحة المشاعر,, وفي هذا العصر المثخن بالركض وقد انشغل السواد الأعظم واصيبت العلاقات بالشحّ تبقى مناسبات الأفراح فرصاً ثمينة للتواصل والالتقاء وجمع شتات الأقارب,, وحتماً فنون المبالغة في الاحتفال ستذيب حبيبات المشاعر فوق صفيح ساخن,, وربّما تاهت رياح الشوق وذبلت أزهار اللهفة في الأفق المزدحم,, ثم إنّ في الترشيد و الاعتدال تيسيراً للشباب الراغب في الزواج وإعانة لهم في تكوين مؤونته وتشجيعاً لبناء الأسرة والشعور بالذات والإحساس بالمسئولية,, ذلك أن ارتفاع تكاليف المناسبة قد يدفع الشاب إلى الاستدانة وركوب موجة الأقساط الشهرية,, مما ينغّص عليه فرحته ويكدّر خاطره,, فما أجمل مشروع الزواج حينما يصاحبه قراءة متأنية,, ناضجة,, ومتّزنة بدءاً من حسن اختيار الشريكين انطلاقاً من هدي نبوي كريم: ,, فاظفر بذات الدين تربت يداك و إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوّجوه ,, وتلك الضوابط العظيمة من شأنها تنوير الحياة الزوجية وإشعال قناديلها وبناء قنوات العطاء المتبادل بين الزوجين من خلال لغة واحدة ومواقف مشتركة مليئة بالتفاهم والانسجام ومضمّخة برائحة الكفاح,,وكلونٍ من ألوان الاعتدال تلجأ بعض الاسر إلى جعل الحفل ذا صبغة عائلية يقتصر الحضور على الاقارب فقط,, مما يمنح المناسبة سهولة ويسراً,, وحقاً جميلة هي البساطة حينما تلوّن ملامح الرحلة الزوجية المباركة وتحتفي بمفرداتها الأصيلة وتشكّل خطوطها العريضة,, ليتجلّى الاعتدال منهجاً مضيئاً ينظّم محتويات المنزل ويتعامل بحكمة مع مطالبه ويرسم معالمه,,مراعياً الهدف السامي لمشروعية الزواج,, نعم ليس من العدل ان يصبح الزواج تجربة تثقل كاهل الشباب,, وتعيق الزوجين عن قراءة اجواء الزوجية والتجاوب مع معطياتها النبيلة وبناء قيمها الكريمة ,. عفواً,, معشر الآباء والامهات وانتم تزفون بناتكم اجعلوا الاقتصاد نهجاً يستحيل إلى سراجٍ وهاجٍ يضيء فضاء الزواج,. محمد بن عبدالعزيز الموسى