تزايدت في الآونة الأخيرة، حفلات الطلاق التي ينظمها بعض النساء احتفاء بالانفصال عن أزواجهن، فيوجهن الدعوات إلى صديقاتهن وقريباتهن لحضور المناسبة التي تقام في قاعة أفراح، وترتدي المطلقة فستانا أحمر أو أبيض، ويوزع الكعك الذي يعد بطريقة معينة على الحاضرات، على وقع أنغام إحدى المغنيات. «عكاظ» طرحت موضوع حفلات الطلاق على عدد من الاختصاصيات والسيدات اللائي انتقد غالبيتهن إقامة هذه الحفلات واعتبرنها وأدا للفضل بين الزوجين، مشيرات إلى أن المطلقة تقدم على هذه الخطوة كردة فعل، لتصرف الزوج الذي ترى أنه مس كرامتها، ولترفض نظرة الشفقة والعطف من المجتمع نحو المطلقة. واتفقن على أن مشكلة الاحتفال بالطلاق تتفاقم في حال كان لدى الزوجين أبناء وبنات، فاحتفال المرأة بالانفصال عن الزوج، يدل على سوء والدهم وأن في الخلاص منه راحة. اعتبرت فاطمة محمد (موظفة) أن الاحتفال بالطلاق يحمل أكثر من رسالة، أبرزها التخلص من اضطهاد الزوج، وتعبير عن الفرحة والسعادة بإنهاء علاقة زوجية فاشلة، مشيرة إلى أن الاحتفال يسهم في الترويح عن المطلقة من خلال وليمة مصغرة تجمعها بصديقاتها وزميلاتها وبعض الأقارب. وبينت أن الطلاق ليس دائما ذكرى سلبية تعلق في ذهن المرأة أو الرجل، فأحيانا يكون إيجابيا، ملمحة إلى أن بعض المطلقات يحتفلن بالانفصال عن الزوج، نظير التخلص مما عانين منه، حتى لو واجهن انتقادات من المجتمع. إلى ذلك، انتقدت الدكتور سحر رجب مستشار نفسي وأسري ومدرب معتمد لإزالة المشاعر السلبية انتشار حفلات الطلاق في المجتمع مؤخرا، متسائلة عن الأسباب التي تدفع المرأة بالفرح بالانفصال وإنهاء علاقة أسرية ربما لأسباب تافهة. وقالت: «ماذا سيكون شعور بنات المرأة، وهن يحضرن احتفال أمهن بانفصالها من والدهن؟ ألا تشعر تلك المحتفلة بالخزي والخجل من هذا التصرف الأرعن ؟!»، لافتة إلى أن جميع حاضرات الحفلة يهنئن المرأة بطلاقها، بعد أن احتفلن معها بزواجها، معتبرة ذلك من السخف. وتساءلت بالقول: «هل كل ما يفعله الغرب يسعدنا ويرتقي بذائقتنا ؟! ألا يوجد شخص رشيد يوقف كل هذه المهازل؟»، مشيرة إلى أن محال الحلوى والكعك تفننت في ابتكار «جاتوهات» للاحتفال بالطلاق، وباتت تلبي طلبات أي مطلقة تريد الاحتفال بطلاقها. وأضافت: «الزواج والطلاق نصيب ولله في ذلك حكمة، فهل سمعنا عن صحابيات نشرن الفرح عند الطلاق ؟!» ، مطالبة بتكثيف التوعية في المجتمع للحد من انتشار الاحتفال بالطلاق. ووجهت الدكتورة سحر رجب سؤالا لكل من تحتفل بطلاقها، قائلة: «ما هو حالك إن فعل طليقك حفلة مماثلة؟» . حاثة النساء بالتريث والنظر لكل شيء في الحياة بنظرة إيجابية وترك السلبيات والإعاقات العقلية والفكرية والبحث عن المفيد والجاد. كما بينت الموظفة منيرة مغربي أنها ضد فكرة الاحتفال بالطلاق، لأنه تصرف سلبي يحسب على المرأة، خصوصا إذ عاشت معه سنين طويلة وأنجبت منه ابناء، «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، لأنه إذا لم يكن بينهم نصيب في إكمال الحياة الزوجية يجب أن يقدروا العشرة التي كانت بينهم. واعتبرت الاحتفال بالطلاق مذمة لكل من تقيمه، حتى لو كانت متأذية أو متألمة من الزوج، فالاختلاف لا يجيز الاحتفال بالانفصال والوصول إلى توزيع رقاع الدعوة لحضور المناسبة، فيجب على المطلقة أن تحتسب الأجر عند الله وتسأله أن يعوضها أفضل منه. وأرجعت احتفال بعض المطلقات بالانفصال عن الزوج إلى رغبتهن في الانتقام من الزوج، ورغبتها في رد اعتبارها، خصوصا أنها ترى أن الطلاق مس كرامتها. وأشارت مغربي إلى أن بعض السيدات يقمِن احتفالا ضخما في إحدى القاعات الكبرى أو في المنزل، وترتدي فستانا أحمر أو أبيض، وتدعو صديقاتها وأقرباءها للاحتفال معها بحصولها على ورقة الطلاق من الرجل الذي تشعر أنها لا تستطيع أن تكمل العيش معه. ورأت أن المرأة التي تقدم على هذا العمل ناقصة عقل وتعاني من مشكلات نفسية، ولن تصل للسعادة بهذا العمل، مشددة على أهمية أن توفر الأموال التي ستنفقها على الاحتفال في بث الفرح في نفوس المحتاجين، وأن ترضى بنصيبها، وتؤمن أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع تعبها، وسوف يأتيها النصيب الأفضل. بينما رأت سيدة الأعمال والإعلامية السابقة أميرة تركستاني أن المرأة لا تحتفل بطلاقها، إلا من فرحتها بالخلاص من الضغط الشديد، الذي تعانيه من زوجها السابق، خصوصا أن حصولها على الطلاق لا يأتي بسهولة، بل بعد مراجعات عدة للمحكمة، لذا تضطر إلى الاحتفال بالطلاق. وقالت: «تحتفل المطلقة لتعوض الاحتفال بالزواج الذي لم يكن موفقا، وترى الطلاق خلاصا من ضيم وظلم وقع عليها، بسبب زوج كان سيئا ولم يكن كما رسمته في مخيلتها، ولم يراع التضحية التي قدمتها، فحول الزواج من رباط اجتماعي جميل إلى ألم ومعاناة» ، مشيرة إلى أن الطلاق ارتبط في أذهان الناس أنه أمر سيىء بيد أن المطلقة تحتفل حتى تثبت للآخرين أنها سعيدة بوضعها الجديد، وتعكس حال الألم الذي عاشته في حياتها الزوجية، وربما كبرياؤها يدفعها للاحتفال بالطلاق حتى لا ينظر المجتمع إليها بالشفقة والعطف، لأنها مطلقة. وأشارت إلى أنه لا بأس أن تحتفل المطلقة بانفصالها عن زوجها السابق، رافضة ما يردده البعض أن احتفالها بطلاقها إشهار ودعوة للعرسان ليتقدموا ويخطبوا ودها. من جهتها، ذكرت التربوية منيرة حداد أنه لا يمكن تعميم فرحة المرأة بالطلاق على كل المطلقات، فلا تتمنى أي امرأة أن تعود مرة أخرى إلى منزل والدها وهي تحمل لقب مطلقة، وهناك من طلقت وهي مظلومة أو ندمت بعد طلاقها ولا تريد تذكر يوم طلاقها الذي يذكرها باللقب العالق في أذهان محيطها الاجتماعي، ومن المطلقات من تحتفل بهذا الخلاص. وقال: «تختلف روايات المطلقات في ذكر سبب الطلاق إلا أن غالبيتهن تتهمن الأزواج بأنهم وراء طلبهن الطلاق، ونادرا ما تتحمل واحدة منهن سبب هذا القرار، والغالبية يتهمن الأزواج بعدة صفات منها البخل، والخسة، والظلم، والحقارة، والاندفاع، وعدم تحمل المسؤولية، كما تجتمعن على وصف الرجل بأنه كان يتعمد الإساءة للزوجة ويحقر من شأنها، كما يعنفها بكل السبل لإذلالها وتعذيبها». ورفضت التربوية خلود ناصر احتفال المرأة بطلاقها، وترى فيه الكثير من الأنانية، لأن المرأة المحتفلة لم تراع نفسية أبنائها، إذ كيف تعد حفلة وتدعو إليها أخريات للاحتفال بطلاقها من والدهم، متسائلة : «كيف ستكون نظرة الآخرين لبناتها وأبنائها وإن كان أحد يرغب في التقدم للزواج من ابنتها كيف سينظر لفتاة، أمها احتفلت بطلاقها من والدها، وكيف لها أن تتقدم لطلب تزويج ابنها وهي محتفلة بطلاق والده الذي يدل على أنه في قمة السوء». ورأت أن مثل هذا التصرف يدل على تناقض كبير تعيشه المرأة ويشير إلى انفصال عن واقع حياتها، فهي وزوجها وأبناؤها في مركب واحد، مشيرة إلى أن الكثير من الدراسات أثبتت أن انفصال المرأة عن زوجها أشد إيلاما من وفاة الزوج بالنسبة للأبناء وقد تكون حقا المرأة عانت لكن الحقيقة أن الله سبحانه ذكر في كتابه العزيز (ولا تنسوا الفضل بينكم) (وقد أفضى بعضكم إلى بعض).. وتابعت ناصر: «صحيح إن الطلاق قد يصبح رحمة للزوجة أو للاثنين معا جراء المعاناة اليومية وانعدام التفاهم بينهما.. لكن برأيي يبقى الانفصال شرخا عظيما يطال مشاعر الزوجة على وجه الخصوص، والحقيقة أن الاحتفال بهذه المناسبة مغالطة وخداع للأحاسيس والمشاعر الإنسانية .. نسأل الله العافية».