تسعى الكيانات السياسية التي تعتزم خوض منافسات الانتخابات التشريعية العامة منتصف الشهر الجاري الى إقناع جمهور الناخبين العراقيين ببرامج تضيء مساحات مظلمة في حياتهم وتحقيق حلمهم في العيش بأمان مع متسع من الحرية وتلبية الاحتياجات المعيشية. واستطاعت الكيانات السياسية من الوصول إلى جمهورها من خلال مئات الآلاف من البوسترات واليافطات التي غطت الساحات العامة والابنية الحكومية واجتماعات الحوار المفتوح والمقابلات الصحفية والتلفازية من التعريف بشخوص اللوائح الانتخابية وبرامجها وبشكل لم تشهد له البلاد مثيلا منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي. وفرضت الكتل السياسية الكبرى في البلاد بزعامة أياد علاوي وإبراهيم الجعفري وعبد العزيز الحكيم وجلال الطالباني ومسعود البرزاني وأحمد الجلبي والحزب الاسلامي قوتها في الدعاية الانتخابية، وبما يعكس استعدادها للمنافسة على مقاعد مجلس النواب المرتقب البالغة 275 مقعدا نظرا لما تمتلكه من وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة على عكس عشرات الأحزاب الأخرى التي لا تمتلك مثل هذه الوسائل. وتوزعت خارطة الدعاية الانتخابية بسيطرة اللوائح السنية على المناطق ذات الكثافة السنية والشيعية على المناطق ذات الكثافة الشيعية فيما هيمنت لائحة التحالف الكردستاني على المناطق الكردية شمالي البلاد. وحثت المراجع الدينية العليا في البلاد السنية والشيعية العراقيين جميعا الى المشاركة في الانتخابات المقبلة فيما أعلنت هيئة علماء المسلمين صراحة عدم مشاركتها مع تأكيد (احترامها لخيارات الشعب العراقي في الاشتراك في الانتخابات أو عدم الاشتراك فيها). وقال ليث كبة المتحدث باسم الحكومة العراقية والمرشح على رأس لائحة اطلق عليها اسم (السلام الوطني) (الانتخابات المقبلة هي فرصتنا التاريخية لتأسيس دولة قوية تكفل الكرامة والازدهار وتقيم العدل وإرساء قواعد الأمن والقانون). وأضاف (إننا بحاجة الى دولة قوية قادرة على النهوض بالواقع العراقي).وقال همام حمودي القيادي البارز في المجلس الأعلى للثورة الاسلامية: (إن لائحة الائتلاف العراقي الموحد واسعة وتشمل كل العراق وتضم شخصيات مهمة تحظى بتأييد المرجعية الدينية العليا في البلاد). ومن جانبه دعا صالح المطلك أبرز الشخصيات السنية المشاركة في الانتخابات المقبلة إلى (ترك الناخب لاختيار مرشحيه دون الضغط عليه أو دون أية إملاءات أو استخدام مؤثرات دينية أو طائفية تدفع الناخب الى الانجرار نحو أهداف يكتشف بعد حين أنها خاطئة).وبحسب إحصائيات للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق فإن 212 كيانا سياسيا سيشاركون في الانتخابات التشريعية بينها 19 ائتلافا حيث هيأت المفوضية 6 آلاف مركزا انتخابيا في 18 مدينة عراقية، كما استعانت بمئات العاملين والمشرفين على سير العملية الانتخابية بينهم مراقبون دوليون، ومن الأحزاب المشاركة في الانتخابات لضمان النزاهة. وقال عادل اللامي المدير العام في المفوضية: (إن الاستعدادات لإجراء العملية الانتخابية منتصف الشهر المقبل داخل وخارج البلاد شارفت على الانتهاء لضمان شفافيتها ونزاهتها). وتشير إحصائيات المفوضية ان نحو 15 مليون عراقي سيدلون بأصواتهم في الانتخابات المقبلة بمن فيهم عراقيون يقيمون خارج البلاد في أوروبا وأمريكا وبلدان عربية وايران. وحظرت مفوضية الانتخابات على الكيانات السياسية المشاركة في الانتخابات تقديم تبرعات وهدايا للناخبين بقصد التأثير عليهم للتصويت كما حثت على عدم إثارة النعرات الطائفية والكراهية أثناء الدعاية الانتخابية. ولم تخل مسيرة بلوغ الانتخابات التشريعية من عمليات عنف وقتل وتهديد عدد من المرشحين ومثلما حصل لرئيس الحكومة السابق اياد علاوي عندما قذفه عشرات من الشيعة بالأحذية والحجارة داخل حرم ضريح الامام علي- رضي الله عنه- عندما كان في زيارة لمدينة النجف للترويج لبرامجه الانتخابية، هذا عدا استهداف العاملين على نشر الدعاية الانتخابية في بغداد والمحافظات إضافة الى انتشار ظاهرة تمزيق الشعارات الانتخابية ونشر ملصقات مزيفة للتقليل من شأن عدد من المرشحين للانتخابات.