اقترح الاشتراكيون الفرنسيون إلغاء مادة واحدة مما يعرف بقانون 23 فبراير الذي أثار لغطاً وجدلاً سياسياً صاخباً بين فرنسا ومستعمراتها السابقة في شمال إفريقيا خاصة الجزائر، حيث بادر البرلمانيون الجزائريون حينها إلى صياغة مشروع تشريعي يفند القانون الفرنسي، كما طالبوا باعتذار رسمي من باريس قبل الشروع في توقيع أي اتفاقية ثنائية حول مستقبل العلاقات بين البلدين. وكشف السيد أيرولت (نائب اشتراكي فرنسي) أنه ستتم دراسة هذا الاقتراح في إطار اجتماع للمجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الفرنسي خلال جلسة تتم مناقشته يوم 29 نوفمبر المقبل لمواجهة ما ترتب من ردود أفعال على قانون 23 فبراير 2005م الذي تقدم به مجموعة من النواب اليمينيين، بقيادة وزير الخارجية الحالي فيليب دوست بلازي، في ديسمبر 2004م، والذي لقي استنكاراً واسعاً وانتقاداً شديداً من قبل المؤرخين الفرنسيين خصوصاً في مادته الرابعة، فضلاً عمّا أثاره من جدل في المستعمرات الفرنسية السابقة وتنص المادة المراد تعديلها على أمرين؛ الأول يخص ضرورة منح برامج البحث الجامعي لتاريخ الوجود الفرنسي فيما وراء البحر، وخصوصاً في شمال إفريقيا، المكانة التي تستحق، والأمر الثاني اعتراف البرامج المدرسية بشكل خاص بالدور الإيجابي للحضور الفرنسي فيما وراء البحر وخصوصاً في شمال إفريقيا وإيلاء تاريخ وتضحيات مقاتلي الجيش الفرنسي المنتمين إلى هذا الإقليم المكانة اللائقة التي يستحقها، أما المقترح الاشتراكي المضاد، فإنه ينص على حرية البحث والحياد في التعليم في مجال تاريخ الاستعمار، مما يعني (ان فاز المقترح بتأييد مجمل النواب الاشتراكيين وفيما بعد تأييد الأغلبية اليمينية في الغرفتين البرلمانيتين) تغييراً أو استبدالاً للمادة الرابعة من قانون 23 فبراير 2005م (القانون 158 - 2005م). وأكّد السيد أيرولت في تصريحه بالجمعية الفرنسية (البرلمان) أن كتابة التاريخ ليست من صلاحيات المشروع، معتبراً أن هذا الإجراء غير مقبول إذ يمثل إعادة اعتبار للاستعمار الفرنسي.. هذا وقد سبق للنائبين الاشتراكيين باريزا خياري وجون بيار ميشال أن قدما اقتراحاً لمجلس الشيوخ لإلغاء قانون 23 فبراير 2004م المثير للغط، إلا أن المقترح لم يجد قبولاً كافياً لاعتماده، حيث تبيّن أن الاشتراكيين الذين لا يتوفرون على الأغلبية البرلمانية، هم أنفسهم، يحملون معهم تاريخاً ثقيلاً بخصوص تعاملهم مع الحالة الاستعمارية الفرنسية في وراء البحار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ففي عهد غي مولي وميتران جرى توسيع التعذيب والإعدامات الجماعية للمناضلين والجزائريين. وفي عهدهم منحت سلطات خاصة للجيش الفرنسي للوصول إلى ما سمي آنذاك ب(استعادة الأمن) الذي كلف الجزائريين، والفرنسيين أيضا، مئات الآلاف من القتلى والتدمير والتهجير وهو ما يجعلهم في محك مع الماضي التاريخي لحزبهم. ويذكر أن الجزائر واجهت القانون الفرنسي باستياء كبير وعلقت مستقبل توقيعها على معاهدة الصداقة مع باريس بشرط الاعتذار الرسمي للشعب الجزائري والاعتراف بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا خلال احتلالها للجزائر، كما نشطت مؤخراً مجموعة من الشخصيات التاريخية المعروفة لإرغام الرئيس الفرنسي في زيارته المرتقبة للجزائر على تقديم الاعتذار.