رمضان أقبل يا مشاعر زغردي أنا ما أزال بنهج أحمد أقتدي ألهب الشهر المبارك مشاعر الشعراء بمختلف مذاهبهم (الفصيح والشعبي) فبينوا فضائله وآدابه في كنوز ودرر فاضت بها قريحتهم الشعرية، وفاض بها وجدانهم، فهو شهر القرآن والغفران، فكيف لا يتسابق الشعراء لإعلان الفرحة بمقدمه، قال أحدهم: أهلاً وسهلاً بشهر الصيام يسل من النفس أضغانها وأهلاً وسهلاً بشهر الصيام ينقي عن النفس أدرانها فهذا الشهر الكريم أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، هذه المعاني الإيمانية قال فيها أحد الشعراء: في (أول الشهر) رحماتٌ منزلةٌ من الرحيم لقاء الصوم يجزيه وفي (أواسط هذا الشهر) مغفرة فضل الكريم إلى الصوام يعطيه (وآخر الشهر) عتقٌ للرقاب وما عند العظيم فما العداد محصيه وقد قال الشاعر سليمان العتيبي: في أوله رحمة وبعد هموم وسعادة ما شابها تكدير وفي أوسطه من بعدكم من يوم غفران، ما له في المثل تصوير وفي آخره عتق من اليحموم للي يواظب في فعول الخير ولهذا الشهر الكريم مكانة عظيمة لدى المسلمين، ولم العجب في ذلك فهو شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، ونزل فيه القرآن الكريم، ومن حقه على الشعراء والأدباء أن يكتبوا عنه فقال أحدهم: جاء الصيام فجاء الخير أجمعه ترتيل ذكرٍ وتحميد وتسبيح فالنفس تدأب في (قول) وفي عمل صوم النهار وبالليل التراويح وقال آخر: بقدوم شهر الصوم مستبشريني نستقبله فرحين في كل الأوقات وقال الشاعر ناصر الدوسري: يا مرحبا بهلال شهر العبادة بقدومه الاسلام جملة مهلين أهلاً هلا بهلال شهر العبادة شهر الصيام وشهر جد المجدين وقال آخر: رمضان أقبل والصيام فريضة والصوم نسك جاء في القرآن هذا وقد حفل شعراء النبط بشهر رمضان المبارك واحتفلوا به، فقد أولوه اهتماماً كبيراً انطلاقاً من كونه ركناً من أركان الدين الإسلامي وعبادة من عباداته الواجبة، فالدور الذي اضطلع به الشاعر النبطي في مجمعه من قبل، هو في واحد من جوانبه دور إعلامي، وفي جانب آخر دور تعليمي، فشعراء النبط من الجيل السابق احتفلوا برمضان قياما بواجبهم الاعلامي في التبشير بقدومه وتهيئة النفوس لاستقباله وحفزها للقيام بالواجبات الدينية والاجتماعية الرمضانية. وأكدوا في دورهم التعليمي أنه المدرسة، والمعلم، والكتاب، ووسيلة التوصيل. وقد خصص بعض الشعراء قصائد كاملة عن شهر الصيام، أو بعض متعلقات الصوم في جزء من قصيدة، أما الشعراء الذين خصصوا قصيدة كاملة لشهر الصيام فقد اعتادوا أن يستهلوا قصائدهم بالترحيب بالشهر الكريم فيقول الشاعر فارس السبيعي: يا مرحباً واهلين ألف تحية يا مرحباً يا ضيفنا ضيف الايمان يا مرحباً ترحيبة البدو للحيا اعداد ما ينثر من الويل ودان وعد النجوم وعد حي بشوفها واعداد من يمشي على كل الوطان أما الشاعر حمد بن علي المدجوس فقال في قصيدته: هلا مرحباً بالضيف جانا وحنا في قدومه فارحين ضيف له وقار واحترام عند اللي بهم دنيا ودين وقد أكدوا أنه ضيف عظيم كونه يأتي مرة واحدة في العام، ولا يقيم، ولذلك أكدوا على احترامه وصيامه وقيامه، وأنه فرض كالصلوات الخمس. قال أحدهم: شهر رمضان اللي على العبد مفروض وخمس الفرايض كنز للعيد ولسان يا سعد من هو صام شهره وقامه كمل حقوقه ما بها حرف نقصان والجميع يعلم ويعي أن هذا الشهر الفضيل تتضاعف فيه الحسنات ويزيد الأجر والثواب من الله لكل مسلم حافظ على الصلاة والصوم وتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة مثل الإنفاق على الأيتام والعجزة وكبار السن والمحتاجين والأرامل، كناية عن إخراج الزكاة، والمعروف أن هذا الشهر الفضيل يعلمنا الصبر والتحمل، لذلك لا بد من مضاعفة العمل والإخلاص فيه؛ حتى يبارك الله للإنسان في صحته وماله وولده، والمهم في الصيام إخلاص النية، وتطهير القلب من الحسد والكراهية. رمضان هو شهر الانتصارت فكانت غزوة بدر الكبرى السنة الثانية من الهجرة، وكذلك فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة، والجميع يحب هذا الشهر الفضيل لما له من مآثر وفضائل على المسلمين في كل مكان. قال الشاعر محمد حسن فقي: رمضان في قلبي هما هم نشوة من قبل رؤية وجهك الوضاء قالوا بأنك قادم فتهللت بالبشر أوجهنا وبالخيلاء أما الشاعر حسين عرب فقال: بشرى العوالم أنت يا رمضان هتفت بك الأرجاء والأركان لك في السماء كواكب وضاءة لك في النفوس المؤمنات مكان فهناك ولله الحمد مواسم للمسلمين تعظم فيها العبادات وتزداد فيها الحسنات ولله الحمد، وتقبل فيها الدعوات بإذن الله، وأفضل تلك المواسم.. شهر رمضان سيد الشهور، لذا لا بد أن نستفيد منه ونستعد لاستقباله بقلوب مملؤة بالتسامح والصفاء والنقاء والرضاء والتراحم والإخاء والإحسان والصفاء.. بهدف أن نظفر وإياكم بإذن الله بالخير العظيم والحسنات المضاعفة والمغفرة من الله عز وجل.. ولأن الله خصه بأمور كثيرة، فترى الشعراء تفيض قرائحهم الشعرية تجاه هذا الشهر الفضيل، وأحاسيس جميلة ينتج عنها أعذب الكلمات وأجمل العبارات وأصدق المشاعر التي تعبر عن فضائله والتسامح والتآلف والحث على أعمال الخير والبر والصلاح. ومن هؤلاء الشعراء الشاعر حمد بن عبدالرحمن المغامس فيقول: بقدوم شهر الصوم مستبشريني نستقبله فرحين في كل الأوقات شهر فضيل وحل ربي يعيني هذا الشهر ما فيه روحة وجيات يا الله عسانا به من القائمين يغفر لنا المولى جميع الخطيات أما الشاعر عبدالله العتيبي فيقول: جيت يا شهر بعد حول بحساب شرفت يا شهر الفرح والأماني شهر التهجد فيك وعتاق الأرقاب سيد الشهور وسيد كل الزماني شهر الصيام وشهر ترتيل الكتاب موسم على الطاعات وأهل الحساني فيه ليلة ياهل المعرفة وعجاب بالنصر والتوفيق شهر رمضاني العالم المسلم شبابه وشياب اهدي له التبريك وأسمى التهاني أما الشاعر حسين عرب فيبدو مستبشراً بقدوم هذا الشهر الكريم، ويشير إلى ان الشعر الذي يتأبى أحياناً على قائليه ينتابه الإذعان والطاعة لجلال رمضان وعظمته فيقول: والشعر والأفكار وهي عتية ينتابها لجلالك الإذعان ويقول في أخرى: بشرى العوالم أنت يا رمضان هتفت بك الأرجاء والأكوان لك في السماء كواكب وضاءة لك النفوس المؤمنات مكان الشرق يرقب في هلالك طالعا يعنو لديه الكفر والطغيان وبك استهام فؤاد كل موحد يسمو به الإخلاص والأيمان سعدت بلقياك الحياة وأشرقت وانهل منك جمالها الفتان كذلك فالشاعر مصطفى حمام يقول في رمضان: أعظم بشهر الصوم من فرحة للصائمين الصادقين الكرام ويمضي الشاعر في رسم صور متحركة للصوم والصائمين فالصوم صبر عاصم لصاحبه، وليس صبراً عادياً، وإنما هو صبر جميل، فليكن لنا به اعتصام يقول: الصوم حرمان وزهد وكم فيه لطلاب الهدى من حرام والزهد أن تخلط به شهوة تخلط حلالاً طيباً بالحرام والصوم صبر عاصم فليكن للناس بالصبر الجميل اعتصام والصوم للروح غذاء وما كان غذاء للجسوم الحسام والصوم للشبعان وحي بأن يبر بالجائع أو ذي السقام أما الشاعر محمد ضياء الدين الصابوني فيصف رمضان بأنه شفاء للقلوب وبهجة ومحبة للنفوس، وأن الأرض انتابها الخيلاء، حين لاح هلاله البهيج.. يقول: رمضان إنك للقلوب شفاء فيك السنا والجو والآلاء رمضان إنك بهجة ومحبة وتسامح وتعاطف وإخاء ما أسعد الإنسان في ظل التقى والمؤمنون حقيقة سعداء وللصابوني قصائد متعددة مرحبا ومودعا ومتحدثا عن ملامحه البارزة كغزوة بدر وليلة القدر.. فيقول في قصيدته (تحية لرمضان). شهر أطل بفجره البسام دنيا من الإشراق والإلهام شهر أطل فمرحبا بقدومه وبفيضه المتدفق المترامي يا فرحتي بصيامه يا نشوتي بقيامه يالذتي ومدامي شهر عظيم القدر فيه ليلة تسمو فضائلها على الأعوام هي ليلة حث الإله نبيه بقيامها فالأجر فيها نامي وبعض الشعراء الذين جاء ذكر رمضان في بعض قصائدهم جزئياً فقد سلكوا فيه أسلوبا مختلفا فمنهم من استغل المساحة المتاحة في قول مكثف موجز طرق أساسيات الموضوع وجوهره وقضاياه الرئيسية فقال الشاعر راشد بن سالم بن مسلم المنصوري: وشهر لمن صامه يضاعف له الأجر هني لمن صامه وفي العشر عكافي صلى تراويحه وأدى فرايضه وابن السبيل اعطاه ما صك الاكفافي من صام ربح ومن فطر يا خساره بيوم تحضر الناس عرى ووقافي لقد أجمل الشاعر في تلك الأبيات من القضايا ما عجز عنه الشعراء ذوو القصائد الرمضانية الطويلة. وبذلك نلاحظ أن شعراء الفصيح والنبط قاموا بدورهم الديني والاجتماعي والتربوي لهذا الشهر الفضيل، فهنيئاً للجميع شهر الصيام ومرحباً ألف رمضان. وبعد: رمضان جاء فمرحبا ألف بمقدمه نتمنى أن يضاعف به الأجر والثواب وأن تغفر فيه الذنوب والخطايا وأن يعيننا الله على صيامه وقيامه وتدبر قرآنه.. وكل عام والمسلمون بألف خير. لحظة صدق: هل من فقير أعطيه وهل من حزين أفرحه وهل من دمعة أمسحها وهل من مريض أعوده وهل من يتيم أكفله وهل من صدقة أوزعها إنه شهر الخير.. فعلينا أن ننتهزه للعبادة وعمل الخير. * كاتبة ومحررة صحفية