هذا المقال هو الأول وليس الآخر؛ فسيكون له ما بعده من حين لآخر بإذن الله، وسأتناول فيه موضوعاً معيناً حول إحصائية رسمية أو شبه رسمية أو نتيجة استبيان أُجري على فئة أو شريحة من المجتمع ثم يكون التعليق على تلك النتيجة. والحقيقة أنني كنت أنوي الكتابة حول هذا الموضوع منذ فترة ليست بالقصيرة؛ نظراً لأهمية الأرقام والإحصائيات في شد انتباه القارئ أو المستمع والتأثير في نفسه؛ فهي لغة العصر كما يُقال. وسأحاول جاهداً الكشف عن النتيجة الصحيحة المستقاة من المصادر الموثوقة والمبنية على دراسة علمية أو استبيان ذي شفافية ووضوح بعيداً عن الضبابية الناشئة عن هوى في النفس أو غرض حزبي أو إقليمي. ذلك أنَّ بعضاً من الدراسات والمسوح والاستبيانات تكون مقصورة على جهة أو مجتمع أو عينة خاصة ثم تُعمِّم الحكم على جميع أفراد هذا العموم. بمعنى أن تكون الجهة المشمولة بالدراسة هي المملكة العربية السعودية، فتكون الاستبانة موزعة في المنطقة الوسطى أو الغربية دون غيرها من المناطق ثم تكون النتيجة حاكمة على المملكة بوجه عام.. وهذا في الحقيقة خطأ فادح وقصور كبير عن تحري الدقة. * إنَّ الواجب في الدراسات والمسوح أن تتضمن الشمولية، وأن تكون عينة الدراسة عشوائية لا انتقائية قدر الإمكان. * ومن الضروري أيضاً أنْ تتصف الدراسة بالعمق والدقة بعيداً عن الاجتهادات السريعة المرتجلة، خاصة إذا كانت تتعلق بمصلحة الوطن والمواطن، فتلك تفسد أكثر مما تصلح. * ولعلي أضرب مثالاً بما سبق أن أعلنته وزارة الزراعة قبل عقد ونصف العقد تقريباً حول منسوب المياه أو الاحتياطي من المياه في المملكة، وأن هناك مخزونات كبيرة من المياه، وحينئذ تهافت الناس على الزراعة في جميع مناطق المملكة بلا استثناء، وخلال فترة وجيزة نضبت المياه أو غار منسوبها في عدد ليس بالقليل من المناطق والمحافظات، وحينئذ تبيّن أن تلك الإحصائيات ليست دقيقة إطلاقاً. * إنَّ أخشى ما أخشاه أنْ يعيد التاريخ نفسه وتكون الليلة كالبارحة من خلال ما نسمع ونقرأ بين وقت وآخر حول احتياطي النفط في المملكة. * إنَّ المتتبع لتلك الإحصائيات يلاحظ تفاوتاً ملحوظاً لتلك التصريحات حول احتياطي النفط بين مستقل ومستكثر، ومن آخر تلك التصريحات ما جاء على لسان معالي وزير البترول والثروة المعدنية في صحيفة الجزيرة عدد (12053) وفيه: (بالنسبة لنا في المملكة فقد كانت الاحتياطات التقديرية نحو 88 بليون برميل عام 1970م - 1391ه فيما تبلغ التقديرات المتحفظة لهذه الاحتياطات اليوم أكثر من (264) بليون برميل على الرغم من إنتاجنا 91 بليون برميل خلال 35 سنة) أ.ه. ولا يخفى أن تلك التصريحات لا تخلو من مجاملات سياسية وتهدئة اقتصادية. * إنَّ كثيراً من دول العالم خاصة المتقدمة منها تعطي اهتماماً بالغاً بالدراسات المسحية، ومن ثَمّ تبني عليها خططها الطويلة والقصيرة في التنمية فيتحقق التوازن والاستقرار بل والعدالة والإنصاف في تقديرات الاحتياجات، والعكس حين تنعدم تلك الدراسات أو تضعف فيكون الاختلال والتخبط والتوزيع العشوائي للثروة المعتمد في كثير من الأحيان على اعتبارات خاصة أو اجتهادات خاطئة. * وقد أحسنت وزارة الاقتصاد والتخطيط بإجراء التعداد السكاني العام للسكان والمساكن عام 1425ه ليكشف اللثام عن المعدلات الخفية لعدد السكان والمساكن ونسبة السعوديين من ذكور وإناث ونسبة غير السعوديين، بل والمستوى المعيشي والثقافي، كما يبرز الوجه الآخر من معدلات البطالة والبطالة المقنعة والفقر وحالات الطلاق والعنوسة والعزوبة وغيرها. * وسأخصص - إنْ شاء الله - مقالات مستقلة للحديث عن كل واحدة مما سبق وغيرها. وأخيراً فهذه المقالات التي ستأتي تباعاً - إن شاء الله - هي موجهة إليك أخي القارئ لتعايش آمالك وآلامك على وجه الخصوص وكذا أحوال الوطن والأمتين العربية والإسلامية على وجه العموم.. وعليه فلا استغني عن أفكاركم ومقترحاتكم على البريد الإلكتروني [email protected] أو الفاكس 2120155 والله من وراء القصد.