رغم كل ما يقال وقيل عن فشل سياسات التوطين ومسؤولية القطاع الخاص او (لامسئوليته) في هذا الشأن يبقى ان المواطن والقطاع العام يتحملان القسط الاكبر من المسؤولية. فالمواطن الذي لا يعمل على تطوير نفسه بالتدريب والثقافة العامة واجادة اللغتين (العربية والانجليزية على السواء) محادثة وكتابة وقراءة والمواطن الذي يطالب بحقوقه دون اداء واجباته فيحضر ويغيب ويؤجل عمل اليوم الى الغد، وينقل معه ديوانيته وسفرة طعامه ومكتبه العقاري الى العمل يجب ألا يتوقع ان تحول الشركات طبيعة اعمالها من ربحية الى خيرية وان تنفق عليه بدون مردود لمجرد انه سعودي. أما مسئولية الدولة فتبدأ بالمناهج الدراسية التي هي بأمس الحاجة إلى التطوير لمواكبة العصر، ولا تنتهي بالتدريب العملي بعد التخرج, ففي وزاراتنا ودوائرنا العامة آلاف الوظائف التي تشغلها العمالة الوافدة ويمكن تدريب شبابنا على اشغالها. على ان هذا لا يعفي رجال الاعمال من مسؤوليتهم تجاه توطين الوظائف والاستثمار في تدريب المواطنين فرغم تقديرنا لظروف التنافس الكاسر في سوق لا ترحم والحاجة الملحة الى تخفيض التكلفة وعلى رأسها تكلفة العمالة الا ان نظرة (استثمارية) مستقبلية سوف تكشف لهم بأن المواطن هو الذخر الذي يمكن الاعتماد على استمراره وولائه اما الوافد فلابد في نهاية المطاف من عودته الى بلاده بكل التجارب والخبرات المكتسبة والمستثمرة فيه كما ان مصلحة التاجر من مصلحة بلده والمصالح الاستراتيجية للوطن في استيعاب جيل كامل من المتخرجين على الطريق الآمن الكريم هي ايضا مصالح المستثمرين. اما عن المآخذ على بعض العمالة المواطنة فان فترة التجربة التي تصل الى ستة اشهر يمكن بسهولة ان تكشف عن مدى جدارة الموظف وحماسه للعمل وقابليته للتعلم وانضباطه ولن يلام المستخدم في استغنائه عن غير الاكفاء خلال فترة الاختبار هذه كما ان الظروف الاقتصادية الحالية لم تعد تسمح بكثير من التشرط والطموح المادي والتسيب . ففي مناخ البطالة السائد اصبحت الاجور المتدنية وظروف العمل من الدوام الطويل الى الانضباط الشديد محتملة ومقبولة من كثيرين، على ان الامل الا يشجع هذا القبول (الاضطراري) على الاستغلال والمبالغة في رفع مقدار المطلوب وتخفيض المقابل وان يوضع حد ادنى للاجور واعلى للدوام يتفق عليه المستخدم والمشرع ويصبح نظاما يعاقب على مخالفته القانون,طالما اننا في معرض البحث عن الحلول لنصارح انفسنا اولا، وليتحمل كل طرف منا مسؤوليته بعدل وشجاعة اما القاء التهم على المستخدمين وحدهم و القطاع الخاص وحده فهو مضيعة للوقت وتضييع للمصلحة لان النتيجة هي اما انصراف المستثمرين عن السوق المحلية او تجاهلهم لكل النداءات ما دامت تتجاهل العقبة الاساسية وهي مصلحة المستثمر في سوق لا ترحم.