عندما يبكي الصالحون والأخيار والعلماء والوجهاء والرجال والنساء والأطفال تدرك محبة مَن يُبكى عليه في قلوب هؤلاء. وعندما يدعو الصغار والكبار، وتُرفع الأكفُّ بالدعاء تبتهل إلى رب الأرض والسماء، يدعون والقلوب خاشعة والعيون دامعة بالرحمة والمغفرة وحسن الجزاء، تُدرك كيف تجتمع ملايين القلوب على محبة الملك الراحل فهد بن عبد العزيز رحمه الله، فهو كما قال القائل: علوٌّ في الحياة وفي الممات لحقٌّ تلك إحدى المعجزات وإن من أعظم الدروس والعبر في وفاة المليك ذلك البكاء العفوي والولاء العفوي، وذلك الانجذاب العفوي للقلوب والأفئدة إلى العزاء والمبايعة لولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز. ولاء عفوي وانجذاب عفوي دون ضجيج أو ترتيب أو متابعة أو تنسيق أو صخب، وتلك والله نعمة كبرى تستوجب الشكر. ألا ما أعظم هذا الدين، وما أعظم حق ولي الأمر. لقد شغل الفقيد الراحل - رحمه الله - القلوب بحبه؛ إنه حب شرعي ديني، ليس حبَّ مصلحة، ولا عواطف زائلة، حبُّ رعية لراعيها، أعطته البيعة فظلَّ راعياً لها سنين يحوطها بنصحه ويذود عنها الأعادي ويبذل لها من وقته وصحته، فما الظنُّ بها عند فقده؟ ولئن رحل عنا الفهد فإن ذكره باقٍ في قلوب المسلمين، فمَن يزُر الحرمين الشريفين فسيذكره، ومَن يقرأ في مصحف المدينة فسيذكره، ومَن يزُر المراكز الإسلامية التي أنشأها في بلدان العالم فسيذكره. رحم الله الملك فهد بن عبد العزيز رحمة واسعة، وجعل منزله في الفردوس الأعلى من الجنة، وبارك في خلفك خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سلطان بن عبد العزيز. د. عبد الله بن إبراهيم اللحيدان - قسم الدعوة بجامعة الإمام