ننعى بكلمات الحزن والأسى وفاة الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته - نعم، إنه الموت الذي غيَّب كل حبيب وأخذ كل عزيز وغال، فالحمد لله على ما قضى وقدر.. لقد كان فقيدنا الملك فهد له من المكانة والمحبة والتقدير في قلوب أبنائه المواطنين.. وإننا لا نحسبه قائداً فحسب بل كان والداً رحيماً بأبنائه عطوفاً على شعبه، عمل بصدق وإخلاص وبذل ما في وسعه من أجل إسعاد ورفاهية مواطنيه في كافة مناحي الحياة، شيد نهضة عمرانية متسارعة كانت محل التقدير والإعجاب بل الانبهار، قاد مسيرة الإصلاح والتصحيح والتطوير ولاقت صدى إيجابياً من كافة شرائح المجتمع وأطيافه، جنَّب البلاد شر الأزمات وفي أحلك الظروف المباغتة إلى بر الأمان بكل حكمة وحنكة. أولى قضايا أمته العربية والإسلامية جل الاهتمام والعناية، وكانت قضية فلسطين هي شغله الشاغل وهمه الأول والأخير، دعمها سياسياً في كافة المحافل الدولية والإقليمية، سخر علاقاته المتميزة مع كبريات الدول من أجل نصرة الحق وإعادته إلى أصحابه، وظل - رحمه الله - يدعم القضية مادياً وهذا يؤكد سلامة قلبه وحسن قصده ومقصده، ويعد الوالد القائد - رحمه الله - من الزعماء والقادة النادرين الذين يعون شرف العهد والوعد، حتى وصفت المملكة بالأم الحنون فتحت أبوابها ومدت يديها لكل من نزلت به نازلة أو ألمت به مصيبة وحلت به كربة أو تعرض لنوائب الدهر ومحن الزمان.. فكم أزال - رحمه الله - من خلاف وأذاب من اختلاف وألف من قلوب وجمع من شتات، حرص - رحمه الله - على توحيد الكلمة ولم الشمل بقلوب تسودها المحبة والإخاء من أجل مواجهة التحديات والمخاطر، حتى حظي - رحمه الله - بقبول منقطع النظير من قادة العالم الإسلامي والعربي ومحبة من جميع شعوبها لما له من أياد بيضاء ومواقف مشرفة سجلها التاريخ وستبقى خالدة في ذاكرة الأيام.. فقليل هم العظماء والقادة الذين تبقى ذكراهم عطرة بعد رحيلهم وصفاتهم محل التقدير والثناء ومناقبهم موضع الذكر والشكر وستبقى أعماله - رحمه الله - مذكورة ومآثره محفوظة ومساعيه خالدة. لقد بذل أقصى ما يبذله المخلصون النادرون، وأعطى خير ما يكون العطاء حتى ضاق قلبه الكبير والرحيم عن حمل طموحاته العظيمة وآمال أمته العريضة، فإن رحل عنا بجسده فإنه سيبقى معنا بأعماله وإنجازاته وعطاءاته.. أعترف يقيناً بالهزيمة أن أكتب وأصف عن والد وقائد بحجم خادم الحرمين الشريفين - رحمه الله - لكنها مشاعر فياضة باح بها القلب ونطق بها اللسان وترجمها القلم. وختاما نقول لكل مصاب بهذا الحدث الجلل، وعلى رأسهم الوالد القائد الذي تسلم راية الولاية، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية وسمو ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولكافة الأسرة والشجرة المباركة من آل سعود. ونقول: إن مصابكم هو مصابنا جميعا وما أبكاكم أبكانا وما كدر خواطركم كدرنا، فسبحان مقدر الأقدار ومحدد الأعمار.. فأعظم الله أجركم وجبر كسركم وعوضكم خيري الدنيا والآخرة.. فالحمد لله على قضائه وقدره حلوه ومره، رحم الله فقيدنا العزيز الغالي رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.. { إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }