لم يكن المواطن (ع. ف) يتوقع أنّ محاولة تهريبه لعدد من مخالفي نظام الإقامة والعمل، ستتحوَّل إلى مأساة يكون هو فيها أول الضحايا .. فقد تحولت أمس الأول عملية تهريبية ل(8) مخالفين من الجنسيات اليمنية والباكستانية والمصرية، إلى مأساة راح ضحيتها شخصان بعد وفاتهما عطشاً، فيما عُثر على 6 منهم بين الحياة والموت، ولا يزال البحث مستمراً على مخالف آخر يعتقد بأنّه توفي من شدة العطش. وبدأت فصول هذه المأساة المحزنة عندما قام المواطن (ع. ف) 30 عاماً قام بالاتفاق مع 8 مخالفين بينهم امرأة مصرية وطفلها الذي يقارب عمره ال6 سنوات، وذلك للتمويه على رجال الأمن بالطريق، وكان الاتفاق على أن يقوم المواطن بنقلهم من محافظة الطائف إلى منطقة المدينةالمنورة عن طريق الصحراء، حيث انطلقت الرحلة أو (المغامرة) يوم الخميس مع طريق الرياض - الطائف، وبعد أن تجاوز المهرِّب مدينة المويه استخدم كوبري النصائف للخروج مع طريق صحراوي يؤدي إلى محافظة مهد الذهب، بعد مروره بعدد من المناطق. وأثناء سير المهرِّب مع الطريق واجه بعض الوعورة في الطريق حيث تفاجأ ب(الصبخا) وهي الأرض الغنية بالمياه المالحة، وأثناء ذلك علقت سيارته بداخلها وبعد إخراج السيارة أصابها عطل لتبدأ المأساة، حيث لم تمض ساعات قليلة من مساء الخميس إلا وقد نفدت كمية الماء التي كانت معهم، وفي صباح الجمعة وبعد ازدياد حرارة المنطقة ازداد عطش المخالفين ومهربهم، فما كان منهم إلاّ أن اتجه كلُّ واحداً منهم في طريق بحثاً عن المساعدة أو الاتصال بالجهات الأمنية، وكان لهم ذلك حيث استطاع اثنان منهم الإبلاغ عن المأساة، ولكن بعد فوات الأوان، حيث أبلغت الجهات الأمنية في وقت متأخر من مساء الجمعة، وما إن حل الصباح إلاّ وقد شكل رئيس مركز ظلم لجنة من شرطة ظلم بقيادة النقيب حامد الثبيتي والعريف صقر غزاي ومتابعة من الرقباء هديب العتيبي وفالح الغنامي وفرقة من الدفاع المدني بقيادة وكيل رقيب فريح خالد وبمتابعة النقيب غالب الفعر. وبعد البحث المتواصل في الصحراء الشاسعة الواقعة شمال ظلم وبعد جهود مضنية رغم حرارة الأجواء واتساع المنطقة، عُثر على سيارة المخالفين وهي من نوع داتسون في الصحراء وعُثر على آثار المخالفين بجوارها وعلى أغراضهم وحاجياتهم وبعض الأغذية وعلب المشروبات الفارغة، كما لوحظ أن المخالفين قد استخدموا مياه الراديتر للشرب من شدة العطش. وكان العثور على سيارة المخالفين يعد الخيط الأول الذي مكّن من العثور على أغلب المفقودين، حيث عُثر على جثة متخلف يدعى (وحيد علي) من جنسية باكستانية وقد فارق الحياة عطشاً. وبعد ساعات عُثر على المهرب وكان بين الحياة والموت أثناء العثور عليه وما هي إلا دقائق حتى نطق بالشهادة ولاقى ربه من شدة العطش والإعياء من السير تحت أشعة الشمس الحارقة، وبدأ العثور على بقية المخالفين واحداً تلو الآخر إلى أن عُثر على المرأه المصرية وطفلها وكانوا جميعهم بين الحياة والموت ولكن العناية الإلهية أنقذتهم من موت محقق في صحراء ظلم من شدة العطش. وأصبح عدد المتوفين شخصين، والذين تم العثور عليهم 6 منهم 3 باكستانيين ويمني وامرأة مصرية وطفلها. وبعد التحقيق مع الأشخاص الذين تم العثور عليهم اتضح أنه لا يزال هناك مفقود آخر في المنطقة ولكن توقف البحث بعد حلول المساء. صباح أمس وبناءً على توجيهات سعادة مدير عام الدفاع المدني اللواء سعد بن عبد الله التويجري حلقت طائرة عمودية للدفاع المدني في سماء المنطقة للبحث عن آخر المفقودين الذي يُعتقد أنّه مات من شدة العطش. (الجزيرة) حاورت المفقودين الذين تم العثور عليهم وقالوا إنّهم يحمدون الله الذي أنجاهم ويقدمون الشكر للجهات الأمنية على جهودها في البحث عنهم والعثور عليهم ومساعدتهم في النجاة من هذه المأساة، فيما قال بعضهم إننا لن نكرر هذه التجربة المريرة في مخالفة الأنظمة لأن هذا مصير المخالفين. يذكر أنّ المنطقة الواقعة شمال ظلم تعد منطقة لمرور المخالفين وتغيب عنها النقطة الأمنية التي تمنع تهريب المخالفين، وتنقذ التائهين والمفقودين في هذه الصحراء الشاسعة، التي سبق وأن تكرر فيها أكثر من 5 حالات وفاة، إما في حوادث مرورية صحراوية على المخالفين أو الوفاة من العطش بعد تعطُّل السيارات.