تمثِّل مشكلة البطالة إحدى أهم المشاكل التي تعيشها معظم دول العالم أياً كانت مكانة الدولة اقتصادياً وسياسياً، وبالطبع فإن مشكلة البطالة وضعف توطين وظائف القطاع الخاص للشباب تمثِّل هماً وهاجساً تعيشه المملكة وإن كانت الظاهرة فيها أقل من غيرها من الدول إذا ما أخذنا الأرقام الرسمية التي تقول إن نسبة البطالة في المجتمع السعودي لا تزيد على 9% وفقاً للأرقام التي سجِّلت من خلال حملة وزارة العمل للتوظيف التي نُفذت قبل ستة أشهر من الآن، والتي بلغ فيها عدد المسجلين فيها وعلى مدار شهر كامل قرابة 180 ألف شاب سعودي مختلفي الأعمار والتخصصات، لكن تداركها بوضع إستراتيجيات حل شاملة للمستقبل أمر مهم خاصة والإحصائيات الرسمية تشير إلى أن الشباب الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة يشكِّلون أكثر من 50% من عدد سكان المملكة. المشكلة وبداية الحلول..! والمشكلة التي عرفت كثيراً بمسمى (السعودة) والتي كانت الجهود لحلها قد بدأت منذ أكثر من 10 سنوات إبان وجود مجلس القوى العاملة والذي كان ينتهج في بدايته مبدأ التحفيز والمكافأة لمؤسسات القطاع الخاص التي تعمل على سعودة وظائفها من خلال نسب معينة، انتقلت فيما بعد لقرار التدرج الشهير في نسب السعوديين في منشآت القطاع الخاص والذي أقترح له في البداية أن يكون في السنة الأولى 5% تزيد كل عام 5% أخرى، ولو طبِّق القرار بالفعل لوصلت نسب السعودة في كثير من مؤسساتنا إلى نسب تفوّق ال70% لكن القرار بقي شكلياً مع الاستمرار في مبدأ الثواب والمكافأة للشركات المتجاوبة في إقامة حفل تكريم سنوي يرعاه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رئيس مجلس القوى العاملة آنذاك، والواقع أنه رغم تلك الجهود والقرار السابق إلا أن الشركات والمؤسسات ضاعفت أرقام العمالة الأجنبية لديها بنسبة 300% خلال السنوات العشر الأخيرة والدليل أن عدد العمالة الوافدة في المملكة خلال عام 1411ه كان 2.892.736 بينما هو في عام 1424 وصل إلى 6.411.689 حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة العمل، مع الأخذ بنسب تنامي الشركات التي تتطلبها التنمية المتصاعدة في البلاد. القطاع الخاص لا يرغب الحل..!! طبيعي أن يبحث رجال الأعمال الممثلين في شركات ومؤسسات القطاع الخاص عن الربح، ذلك أن هذا من صميم عملهم وأبسط حق من حقوقهم، لذا فحينما نسأل عن مدى تعاونهم في تطبيق قرارات السعودة وتفاعلهم مع جهود وزارة العمل مهم ألا نغفل هذا الأمر، والشيء الجدير بالذكر هو أن هناك قطاعات كثيرة من مؤسسات القطاع الخاص ساهمت في حل جزء كبير في توطين الوظائف وإحلال سعوديين مكان الأجانب، بل إن بعضها أخذ على عاقته قضية تدريب وتأهيل الشباب السعودي قبل دخوله لسوق العمل دون رسوم وأنشئت لذلك مراكز تدريب وبرامج متميزة، لكن نسبة هذه الشركات ليست كبيرة، وتصنف من ضمن الشركات الكبرى، بينما مؤسسات القطاع الخاص المتوسطة والصغيرة والتي هي البيئات المناسبة لعمل الشباب السعودي ما زالت نسبة السعودة فيها تحبو وتسير ببطء إن لم تعد للخلف في أحيان كثيرة..!! ومؤخراً كشف بعض رجال الأعمال عن وجوههم الحقيقية حينما أشاروا إلى أنهم بصدد نقل أعمالهم ومشاريعهم إلى دول أخرى وخصوا دبي معلِّلين ذلك بسهولة الحصول على اليد العاملة والبعد عن (الضغوط) المختلفة، وهذا يكشف أن قضية السعودة لا ينتظر لها حل في الأفق القريب، خاصة وحالات تراجع بدأت تشهدها مجالات سُعودت بالكامل في الفترة الأخيرة كالسماح بوجود العمالة الأجنبية بأسواق الخضار والفاكهة واستثناء جنسيات معنية في العمل بأسواق الذهب والمجوهرات بالإضافة لتأجيل أو إلغاء قرار سعودة سيارات الأجرة بحجة أن الشباب السعودي غير راغب في المهنة وأنهم بالكاد سيغطون نسبة 30% فقط من حاجة البلد..!! جهود في سبيل الحل..!! ولأن قضية توطين الوظائف كانت الشغل الشاغل لكثيرين، وخصوصاً أن كل بيت تقريباً يوجد فيه (عاطل) خاصة بعد ندرة الوظائف الحكومية في السنوات الأخيرة، فقد كانت ثمة جهود هنا وهناك كلها تحاول تذليل الصعوبات بحثاً عن حل للمشكلة، فساهمت المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني بشكل كبير في ربط الشباب الباحث عن عمل بمؤسسات القطاع الخاص من خلال ملتقيات (يوم المهنة) الذي نظَّمته أكثر من وحدة من وحدات المؤسسة في مدن المملكة، وعمدت فيه إلى التواصل مع مؤسسات القطاع الخاص وحصر الاحتياجات الوظيفية لها ومن ثم تنظيم لقاءات بين ممثلي المؤسسات وطالبي العمل، ورغم الجهود الكبيرة في التنسيق والترتيب إلا أن حجم الفرص الوظيفية لا يمثِّل إلا 1% من عدد المتقدمين للعمل..!! ومارست المؤسسة دوراً آخر في إشرافها على برامج التنظيم الوطني المشترك للتدريب والذي ساهم مع صندوق تنمية الموارد البشرية في صياغة برنامج يعمل على دعم الشاب السعودي في منشأة العمل فترة تدريب معينة لا تزيد على 12 شهراً يتكفل الصندوق فيها بدفع 75% من مكافأة التدريب، بعدها يدفع الصندوق 50% من راتب الشاب في المنشأة لمدة عام، ورغم أن هذا الشيء كان مريحاً للقطاع الخاص لأنه يضمن عدم تقديمه لمبالغ كثيرة للموظف خلال العامين الأولين إلا أنه لم يساهم في تحقيق نسب سعودة مذكورة، بل إن بعض مؤسسات القطاع الخاص كانت تستغل الأمر لصالحها حينما تستفيد من خدمات موظف لمدة تصل إلى العام لا تدفع مقابل ذلك سوى 250 ريالاً حصتها من مكافأة التدريب، مع تحمل الصندوق لنصف الراتب عند توظيفه، وبعد ذلك كانت تنتهج أساليب (لتطفيش) الشباب لتطلب آخرين بحجة تسرّب مَن سبقهم..!! وزارة العمل تعلن الحرب..!! مع تولي الدكتور غازي القصيبي منصب وزير العمل، تفاءل الكثيرون بحل سريع للقضية، انطلاقاً من النجاحات التي حققها القصيبي إبان توليه وزارة الصناعة والكهرباء ووزارة الصحة، والحق أن قضية السعودة كانت شغلاً شاغلاً للدكتور القصيبي وبسببها خسر الود مع كثيرين من المنتسبين للقطاع الخاص أشهرها مواجهته الأبرز مع الدكتور عبد الرحمن الزامل في المؤتمر السعودي التقني الثالث الذي استضافته الرياض مؤخراً، ومداخلاته ومؤتمراته الصحفية التي تشير لخطورة الأمر وخصوصاً أنه شبَّه الحرب على البطالة بالحرب على المخدرات والإرهاب..!! ووزارة العمل على لسان القصيبي كانت تنتظر أن تبادر مؤسسات القطاع الخاص للعب دورها الوطني في حل مشكلة البطالة لكنها فوجئت (باستماتة) مجموعة غير قليلة من مؤسسات القطاع الخاص برفض السعودة مما حدا بها إلى التهديد تارة والتحفيز تارة أخرى مع القيام بخطوات أخرى ترى أهميتها لعلاج الظاهرة من الصفر..!! الحملة كشفت الأرقام الحقيقية..!! كانت الأرقام قبل حملة وزارة العمل التي نُفذت قبل ستة أشهر من الآن تردد أن نسبة العاطلين عن العمل في المملكة تزيد على 30%، ولذا كان الهدف الرئيس الذي عملت وزارة العمل عليه في حملتها التي استمرت شهراً هو حصر العدد الفعلي للعاطلين عن العمل، ورغم أن الحملة اشترطت عدم تسجيل مَن هم على رأس العمل في القطاع الخاص أو الطلاب على مقاعد الدراسة إلا أنها فعلياً تغاضت عن هذا الأمر وسجلت كل من قدم إليها باستثناء الموظفين الحكوميين العاملين أو المتقاعدين أو المسجلين في التأمينات الاجتماعية من خلال عملهم في شركات القطاع الخاص، ووصل الأمر إلى تسجيل طلاب في المرحلة المتوسطة أعمار بعضهم لم تزد على الخامسة عشرة، ورغم ذلك لم يصل عدد المسجلين إلى 180 ألف بنسبة تقل عن 9% من الشباب المؤهل في المملكة، ووصلت في منطقة مثل القصيم إلى أقل من 2%، وهذا أعطى الوزارة مؤشراً إيجابياً بقرب حل هذه المشكلة، بل إن الدكتور القصيبي تعهد في أحد أحاديثه الصحافية بتوظيف 77 ألف شاب خلال ثلاثة أشهر فقط..!! وماذا بعد الحملة..؟؟ السؤال الذي كان يطرحه كل طالب عمل بعد تسجيل بياناته في الحملة وحصوله على بطاقة طالب عمل: وماذا بعد ذلك..؟ هل سيتم توظيفنا..؟ وكان جل العاملين بالحملة والمشرفين عليها لا يملكون إجابة شافية، وهنا كانت الحملة تفتقد إلى الرؤية الواضحة، حتى إذا ما تم الانتهاء من الحملة بدئ بتنفيذ برنامج تدريبي أطلق عليه (برنامج تهيئة طالبي العمل) نفذه صندوق تنمية الموارد البشرية بالتعاون مع المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وبإشراف من وزارة العمل، ورغم أن البرنامج رائع ومتميز في مفرداته وطريقة تنفيذه إلا أنه أيضاً افتقد للرؤية بمعنى أن الشاب الذي سجّل بالحملة ثم انتظم لمدة تسعة أيام بواقع 45 ساعة تدريبية سيخرج من البرنامج كما بدأ لم يحصل على وظيفة، مما يعني أن المشكلة لم تكن في تهيئة الشباب للعمل أو ضرورة تأهيلهم ببرامج تدريب مناسبة بقدر الحاجة فعلاً إلى بيئات عمل، والتي لن توجد دون تفاعل القطاع الخاص، الذي لم يكن اعتراضه على توظيف الشباب السعودي لأنهم غير مؤهلين وإن صدرت من البعض فهي لمجرد التبرير ليس أكثر...!! وقد تم تقسيم برنامج تهيئة طالبي العمل إلى قسمين: - القسم الأول لمن سماهم الصندوق بالمؤهلين وهم ممن يملكون شهادات جامعية أو كليات أو دورات تدريبية، أو سبق لهم العمل في القطاع الخاص ويملكون خبرات عملية، وقدر عدد المستفيدين من البرنامج بأكثر من 70 ألف طالب عمل، تم توزيعهم على مدن المملكة بواقع سبعة مسارات تدريبية روعي فيه ألا تزيد المجموعة التدريبية على 20 متدرباً، وأسند تنفيذ البرنامج إلى الجامعات والكليات الحكومية وبعض المعاهد والمراكز الخاصة، ودرب في البرنامج قرابة 4000 مدرب على مستوى المملكة، وتم تصميم حقائب تدريبية للمتدربين وبرامج متميزة راعت سهولة نفاذ المعلومة ورسوخها عند المتدربين بتنوع وسائل العرض وتنوع طريقة إيصال المعلومة من خلال ورش العمل والمناقشات الجماعية، وهي طريقة أثمرت بفوائد كثيرة للمتدربين خاصة أن الأسلوب الذي تم استقبال المعلومات به لم يكن مألوفاً من قبل. - القسم الثاني من المستهدفين بالبرنامج لغير المؤهلين، والذي يعتزم البدء فيه بعد شهر تقريباً، ويتضمن أكثر من 60 برنامجاً تدريبياً مختلفة المهارات والمعارف، فمنها ما يتعلق بمهارات الحاسوب ومنها ما يتعلق بالمهارات الميكانيكية أو الإلكترونية أو الزراعية..إلخ، وحدد لتنفيذ كل برنامج مدة تختلف عن البرنامج الآخر، وأسند تنفيذه إلى عدد من الوحدات التابعة للمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني. وكلا البرنامجين افتقدا - في رأيي- إلى النقطة الأهم، وهي وماذا بعد البرنامج؟؟ هل ثمة مؤسسات تنتظر خريجي تلك البرامج..؟ الواقع الذي يحكيه بعض الذين التحقوا بالبرنامج الأول أن بعضهم ترك وظيفته التي كان فيها أملاً في الحصول على فرصة أفضل بعد الدورة، فكان أن عاد من جديد يبحث عن عمل..! لا حل.. دون توظيف..!! الجهود التي تبذلها وزارة العمل مع شريكتيها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني وصندوق تنمية الموارد البشرية، جهود كبيرة وتنم عن حرص ورغبة كبرى في حل المشكلة، لكنها مع الأسف لن تصيب الهدف أو جزءاً منه في ظل وجود المعوق الرئيس والكبير ألا وهو إحجام القطاع الخاص عن توظيف الشباب السعودي..!! وتلك الجهود التي أنفق لأجلها ملايين الريالات في التخطيط والتنفيذ للبرامج المختلفة الموصلة للهدف وعبر التعاقد مع معاهد ومدربين ومشرفين وغير ذلك ربما تكون قد أفادت في جوانب تأهيلية وتطويرية لطالبي العمل كما منحت القضية بعداً إعلامياً أكبر، لكنه كان من الممكن أن تنحى تلك الجهود نحو رؤى أضمن في سبيل تحقيق الهدف المنشود، من ذلك مثلاً أن تبادر تلك الوزارة بالتعاون مع شركائها وبتمويل من القطاع الخاص كما يفعل حالياً مع صندوق تنمية الموارد البشرية أو بتمويل برامج التدريب المختلفة للشباب ومنها التدريب الصيفي على سبيل المثال، إلى تبنى إيجاد بيئات عمل مناسبة تأخذ الطابع التجاري وتسليمها للشباب مع إشرافها عليهم ومساعدتهم في إنجاح تلك المشاريع، مع أن جهات أخرى كبنك التسليف كان يفترض أن يقوم بهذا الدور، لكن البنك يقتصر دوره على التمويل وبشروط لا تتناسب مع الكثيرين، وأذكر أن أحد الذين استضافتهم القناة الأولى من الشباب السعوديين أشار إلى أن من أسباب إحجام الشباب عن العمل هو وجودهم بين العمالة الأجنبية والمنافسة غير المتكافئة معهم، وهذا أمر يدعو الوزارة للتفكير في إنشاء مجمعات تجارية تموّل من قبل القطاع الخاص خاصة للوظائف الفنية والمهنية والتي تشير الأرقام إلى أن أكثر من 80% من خريجي المعاهد والكليات الفنية والمهنية لا يعملون في المهنة التي تدربوا بها..!! فلو قامت الوزارة بإنشاء أو استئجار مجمعات تجارية وجهزتها للشباب الراغب في العمل مقابل رعايتهم نظامياً ودعمهم إعلامياً بحيث يكون دور المواطن مؤثراً في هذه الحالة لأنه يتوجب عليه كدعم لعملية السعودة التوجه للمجمعات التي يعمل فيها أبناء بلده، فمجمع يحوي على سبيل المثال ورشاً لميكانيكا وكهرباء السيارات والسباكة والنجارة والحدادة ويشترط على من يرغب في العمل أن يكون سعودياً، وهذا الأمر سيجعل الشاب يعمل في جو مماثل مع مجموعة من أبناء بلده مما يحفزه للاستمرار دون مضايقة مع الأجنبي، كما أنها تحمي الشاب من مخاطر البدء بمشاريع مكلفة تحتاج لرأس مال كبير، وهذا الأمر سيوفر العديد من الوظائف للشباب خاصة في الجانب الفني والمهني، كما أنه سيمنح المجتمع فرصة لأن يظهر صدق انتمائه وتفاعله مع قضية وطنه من خلال جعل تلك المجمعات خياره المفضل، وفي المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني مدربون مؤهلون وقادرون على توجيه ومتابعة عمل الشباب في قطاعاتهم ومساعدتهم على حل ما يعترضهم من صعوبات. الحملة.. تحتاج إلى حملة..!! ولأن مشروع توطين الوظائف ليس في الوظائف المهنية والفنية في أغلبه، بل ثمة شباب كثر تخرجوا ودرسوا ليمارسوا عدداً من الوظائف الإدارية والخدمية المختلفة، وهنا فإني أرى أن وزارة العمل بحاجة إلى حملة جديدة، تكون مهامها الرئيسة عملية حصر الوظائف في سوق العمل سواء الشاغر منها أو المشغول بأجانب، مع ما يتبع ذلك من التعرّف على ساعات العمل والرواتب المقدمة وغير ذلك، فنسبة الأجانب في المملكة تقترب مما نسبته 23% من إجمالي الذين يعيشون على هذه البلاد وهو رقم مرتفع ولا شك، ومع التسليم المطلق بحاجة المجتمع لعدد كبير من مهن الأجانب العاملين في المملكة، إلا أن هناك نسبة أخرى تمثِّل رقماً لا يستهان به من الممكن أن يؤدي عملها شباب سعودي مؤهل أو يتم تأهيله ببرامج تتناسب وطبيعة تلك الوظائف والمهن، ومن خلال ذلك يتم تصنيف الوظائف خاصة في المنشآت المتوسطة ويتم ربطها ببيانات مكاتب العمل، فمهن مثل موظفي الاستقبال وبائعي التجزئة وأعمال السكرتارية والإدارة ما زالت تشغل بعدد كبير من الأجانب، وما لم يتم عمل حصر لهذه الوظائف من خلال المنشآت الخاصة ذاتها فلن يتم التعرّف فعلياً على عدد الوظائف الممكن أن تشغل بسعوديين. رجل الشارع العادي.. ينتظر دوره..!! ونحن نعرض للصعوبات التي تواجهها وزارة العمل من عدد من مؤسسات القطاع الخاص فيما يتعلق بتنصلها من التزاماتها الوطنية في قضية السعودة، مهم جداً أن تنتهج الوزارة مبدأ (الثواب) بموازاة مبدأ العقاب، ونحن نعلم عن حفلات التكريم السنوية التي ترعى على أعلى مستويات السلطة في البلد، لكن التعريف بتلك القطاعات ينحصر فقط في التغطيات الإعلامية التي ربما لا يقرأها الجميع، وتغطى لمدة يوم واحد، دون أن يكون للشركة أو المؤسسة الملتزمة بقضايا السعودة أي تعريف يتبعه تقدير من قبل رجل الشارع العادي..!! وهنا أقترح أن تعمل وزارة العمل على إصدار دليل سنوي تضع فيه أسماء الشركات والمؤسسات التي تهتم بالسعودة ولنقل التي تزيد نسبة السعوديين فيها على 50%، ويتم توزيع الدليل في كل نقاط البيع المتاحة لرجل الشارع العادي، فتصور - مثلا - أن شركة ألبان بلغت نسبة السعودة فيها أكثر من 50% وأخرى تقل عن ذلك، كان حرياً بالجميع دعم وتشجيع تلك المهتمة بالسعودة، وقس على ذلك الكثير، ومن الممكن أن تتبنى الغرف التجارية في كل منطقة على حدة إصدار دليل خاص بها، خاصة للمؤسسات والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، فمثل هذا الإجراء يمنح القضية بعدين مهمين، الأول يتمثَّل في تقدير المنشأة الملتزمة والثاني ممارسة نوع من الضغط النفسي على الشركات الأخرى، والتي حتماً ستشعر بأن مبيعاتها تأثرت جراء التفاعل السلبي من المواطن العادي والذي أراهن عليه بنسبة كبيرة..!! النصف الآخر.. واهتمام الوزارة..! قبل الختام، مهم أن تهتم وزارة العمل وشركاؤها بالعنصر الثاني والمهم في هذه الحياة، ألا وهو المرأة، فالحملة وبرامج التهيئة لطالبي العمل كلها اهتمت بالعنصر الرجالي دون أن تهتم بالمرأة التي تشير الأرقام إلى أنها تشكِّل ما يقارب من 50% من عدد سكان المملكة، فمهم أن توجد الوزارة وحبذا لو أشركت في ذلك تعليم البنات آليات للحصول على فرص ووظائف نسائية، خاصة أن المرأة أصبحت في وقتنا الراهن تمثِّل ثقلاً واضحاً في التنمية الوطنية ورقماً لا يستهان به في الاقتصاد الوطني ممارسة واستهلاكاً. تركي بن منصور التركي عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال