أوضح وزير العمل الدكتور غازي القصيبي، أن اهتمام وزارة العمل بسعودة الوظائف لا يقتصر على وظائف معينة من دون غيرها، وإن بدا للبعض عكس ذلك، لأن السعودة مطلوبة في كل الوظائف الموجودة في المنشآت الخاصة من قمة السلم الوظيفي إلى قاعدته. وقال الدكتور القصيبي إن الوزارة تحرص على تحقيق السعودة في مختلف أنواع ومستويات الوظائف المتوافرة في القطاع الخاص، وأن هدفها إيجاد فرصة وظيفية لكل طالبي العمل من المواطنين تناسب مؤهلاتهم وقدراتهم وإمكاناتهم وتمكنهم من المشاركة في التنمية والإنتاج، إلا أن الوزارة لا تحتاج أحياناً للتدخل في توظيف ذوي الكفاءات والمؤهلات العالية المطلوبة في سوق العمل، لعدم وجود مشكلة تستدعي ذلك، إذ إن أصحاب العمل يبادرون إلى انتقاء هؤلاء وتوظيفهم برواتب مجزية. وأضاف وزير العمل أن المشكلة تكمن في توظيف المتقدمين لمكاتب العمل من الذين ليست لديهم مؤهلات تمكنهم لشغل أعمال قيادية أو ذات مواصفات معينة، إضافة إلى أصحاب بعض التخصصات النظرية التي لا توجد حاجة لها في السوق، في إشارة إلى أن أعداد هؤلاء كبيرة، إذ اتضح من بيانات طالبي العمل في حملة التوظيف التي نفذتها الوزارة أن 86 في المئة من إجمالي المسجلين في الحملة البالغ عددهم نحو 155 ألف طالب عمل، هم من حملة الشهادة الثانوية فما دون وتبلغ نسبة حملة الكفاءة المتوسطة فما دون 57 في المئة، أما حملة البكالوريوس الذين يشكلون اقل من 5 في المئة من إجمالي المسجلين، اتضح أن أكثر من 80 في المئة منهم يحملون تخصصات نظرية، ويحمل بعض المسجلين دبلومات دون الجامعية وشهادات عليا. وبيّن الدكتور القصيبي أن وزارة العمل جهة توظيف تتلقى طالبي العمل وتسعى لإيجاد وظائف لهم في القطاع الخاص، وهي لا تقوم بتعليمهم وتخريجهم قبل دخولهم إلى سوق العمل، وإن كانت تجد نفسها أمام واقع يتطلب منها أن تتعامل مع مشكلة عدم التوافق بين تخصصات طالبي العمل وحاجات القطاع الخاص، والوزارة لا تنتج الوظائف ولا تستطيع بالتالي منحها لمن يرغب في ذلك وفق طلبه وحاجته، لكن مصدر التوظيف في ما يخصها هو القطاع الخاص، وفي هذا المجال فإن الوزارة ملتزمة بتطبيق سياسات وتشريعات الدولة في مجالات السعودة والاستقدام والتدريب. وأفاد أن الوزارة لا تستطيع أن تفرض على المؤسسات الخاصة أفراداً غير مؤهلين لأداء أي عمل من أعمالها، إذ إن توظيف هؤلاء يؤدي إلى تدنٍ في الإنتاجية وارتفاع في تكاليف الإنتاج، وتترتب على ذلك آثار سلبية تضر بالمصلحة العامة، ولذلك لا توجه للوزارة حالياً ولن توجه مستقبلاً أي طالب عمل لتوظيفه في القطاع الخاص، إلا بعد أن يحصل على التدريب الذي يؤهله لشغل وظيفة محددة، ما لم يكن سبق له الحصول على التأهيل أو التدريب اللازم لذلك، وهناك برامج تدريب حكومية مجانية متوافرة لكل الراغبين في ذلك، سواء تحت مظلة التنظيم الوطني للتدريب المشترك أو البرامج العديدة التي تقدمها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، كما يتوافر تدريب مدعوم تقدم فيه مكافآت للمتدربين من طريق صندوق تنمية الموارد البشرية. وأكد وزير العمل أن مستوى الرواتب يتماشى بالضرورة مع مستوى التأهيل والتدريب، وعلى الشاب الراغب في الحصول على راتب يفي بمتطلباته ويحقق له تطلعاته وطموحاته إلا يقنع بمؤهل مثل الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية، وأن يسعى إلى تطوير مهاراته وقدراته من طريق البرامج التدريبية المتاحة، لأن حامل المؤهل الابتدائي الذي لا يسعه إلا ذلك، يظل رهن قدرات محدودة لا تتفق إلا مع نوعيات معينة من الوظائف التي لا تتيح رواتب عالية، وكذا حامل المؤهل المتوسط أو الثانوي. وأشار الدكتور القصيبي إلى انه يوجد لدى بعض المواطنين حتى بين غير المؤهلين منهم نظرة بأن هويته السعودية تكفي لفرض توظيفه على القطاع الخاص وتعيينه في الوظائف وبالمرتبات التي يريدها، من دون الأخذ في الاعتبار بأن لكل وظيفة متطلبات، وأنه لا يمكن الاستمرار في العمل من دون إنتاجية أو مؤهلات أو قدرة على العطاء، ولدى بعضهم نظرة غريبة تجاه مهن معينة تختلف عن النظرة إليها في كل دول العالم بما في ذلك الدول المتقدمة، مفيداً انه من طبيعة الأمور في أي مجتمع انه لا يمكن لكل الراغبين في العمل أن يشغلوا وظائف كبيرة أو أن يصبحوا مديرين، ذلك لأن القدرات تتفاوت والمؤهلات تختلف، ومن المنطقي أن يتجه عدد من الراغبين في العمل إلى الأعمال اليدوية. وأبان وزير العمل حرص الوزارة على توظيف الشباب في ظل توفر الفرص الكبيرة المتاحة للعمل مع النهضة التنموية الشاملة غير المسبوقة التي تعيشها المملكة هذه الأيام، والتي تحمل معها آفاقاً واسعة لكل شاب وشابة يرغبان في العمل ويحصلان على التدريب الضروري، لكنه قال إن الوزارة لا تملك إجبار احد على أن يتأهل أو يتدرب لغرض التوظيف، ما لم يكن هو مستعداً لذلك، وتبقى المسؤولية الأساسية على عاتق الأسرة التي يجب أن تعد أبناءها إعداداً جيداً لسوق العمل، وعلى عاتق الشبان والفتيات الذين يجب أن يستفيدوا من الفرص المجانية والمدعومة الكثيرة المتاحة للتدريب والتأهيل.