ما فتئت أمتنا تبتلى بهذه النبتة الخبيثة عبر تاريخها المديد تنخر في جسدها كالسوس كلما لاحت لها فرصة من ضعف أعترى قوة الأمة بسبب أحداث داخلية أو تدخلات خارجية، إنهم الطابور الخامس.. لا يخلو منهم زمن ولا مجتمع - لا كثرهم الله - فهم أشد خطراً على الأمة من العدو الظاهر لأنهم يعرفون أحوال الأمة وأسرارها ويتكلمون بلغتها ويتسللون لواذاً لمراكز القوة فيها من أجل السيطرة والإضعاف، ومن فرط مكرهم أنهم يبالغون أشد المبالغة في إظهار النصح والإخلاص للأمة وهم يبيتون السوء والشر، فكان عقابهم الإلهي أشد وأنكى من الكفار المعاندين الصرحاء لعظيم ضررهم وشرهم على الأمة ومع أنهم يحرصون على التخفي وراء سواتر مزينة ويعملون في الخفاء، إلا أنهم في هذا الزمن ومن فرط اندفاعهم واستبشارهم بجحافل العدو القادم عبر المحيطات وتفاؤلهم بنصرته، لم يعد لهم بد من إظهار بعض ما يضمرون، ينزهم لذلك شعور جامح بنشوة القوة والمؤازرة من العدو الظاهر.. ومع أن القرآن قد فضحهم وأنبأنا عن أخبارهم وصفاتهم إلا أن المتأمل في مسيرة تاريخ الأمة يجد أنهم دائماً مطية طيعة لأعداء الأمة، وما أحداث التاريخ الراهنة البينة لكل ذي بصيرة إلا خير شاهد على ذلك، لكن أين المعتبر الحذر قبل فوات الآوان؟! والمتابع للحملة الإعلامية المنهجية المركزة والموجهة لمجتمعاتنا الناطقة بالعربية عبر هذه القنوات الفضائية وغيرها من الوسائل الإعلامية المؤثرة ومن أبرزها (قناة الحرة) التي أنشئت خصيصاً لمساندة الحملة العسكرية القائمة ونشر المفاهيم والأفكار الأمريكية على أوسع نطاق في محيطنا العربي مع تفكيك وخلخلة الثوابت والقيّم المحافظة ووصم كل من يتمسك بها بالإنغلاق والجمود وحتى بالإرهاب وقد أدركوا مبكراً أنه من الأهمية بمكان لكي تكون رسائلهم الإعلامية أقوى أثراً وأكثر قبولاً في أوساط المجتمعات الموجهة لها هذه الرسائل والبرامج الاستعانة بالفئات المعدة سلفا لهذه الدور أو باستقطاب عناصر تستهويها هذه الأفكار بفعل رصيد فكري متأثر بهذه الثقافات الوافدة ويتمنى سيادتها وانتشارها بين بني قومه لسذاجة وغفلة استحوذت عليه، وليس بالضرورة لعمالة وارتباط مباشر بهؤلاء القوم.. والمتابع للقاءات التي تنشر لبعض بني قومنا على هذه القناة يتأكد له مدى الانحطاط والتردي الفكري والتبعية المقيتة التي وصل لها هؤلاء على حساب مصالح أمتهم وتماسك بنيانها حتى وصل بهم الحال أن غدوا أداة هدم لمسلمات وثوابت لا يقبل المساس بها ولم يكن بمقدور هؤلاء القوم التعدي عليها بمبادرات مباشرة منهم تفادياً لردات فعل شعوب هذه الأمة،. ولكن أن تأتي هذه الحملة من بعض أبناء الأمة فإن ذلك أعظم ما كان يتمناه هؤلاء لإذكاء الصراع والخلاف في المجتمع وفي نفس الوقت كسر هيبة كل مقدس عند الفرد المسلم وتهيئته لقبول كل تجاوز للحصون الشرعية والاستهانة بها فحري بنا ونحن قد ابتلينا بهذا الصراع أن بلغ بنا الحذر منتهاه ونتفطن لهذا الدور المشبوه الذي يقوم به هؤلاء وأن لا ننخدع بهزائم وبثهم المسموم بل نواجهه بحزم وتخطيط محكم ونقوي حصوننا من الداخل حتى تكون عصية تتكسر على حدودها سهامهم الماكرة ولنا في التاريخ الغابر والحاضر عبرة.. والله الموفق. ص.ب: 31886 الرياض 11418 فاكس: 4272675