قبل أيام تم الإعلان عن انتقال ملكية برنامج طاش ما طاش الرمضاني الشهير إلى شركة ال(أم بي سي) الإعلامية.. لن يشاهد الناس طاش بعد الإفطار على القناة الأولى بعد عادة دامت اكثر من عشر سنوات دون انقطاع. إذا جرى جدولته في قناته الجديدة بحيث يبث في وقت الذروة السعودية بعد الإفطار مباشرة، فهذا يعني أن التغير اصاب التلفزيون السعودي والمؤسسة المنتجة. أما بالنسبة للمشاهد الذي يرغب في متابعة المسلسل فالأمر سيان. لم يحدث سوى تغير في المسائل الإدارية والمالية المتعلقة بالمسلسل.. الناس ما زال لديها الخيار كما كانت دائماً لمشاهدة المسلسل إذا رغبت. سمعنا من يقول أن هناك خلافاً بين التلفزيون السعودي وبين المنتج حول بعض شخصيات طاش. وسمعنا من يقول أن سبب انتقال طاش يعود إلى المسألة مالية.. الخ. لا يستطيع أحد أن يتجاهل أن طاش ترك التلفزيون السعودي بعد التغيير الوزاري. لابد أن يربط بين قدوم الوزير الجديد وبين مسألة الانتقال. هذا يشير إلى أن هناك تغيراً في الاستراتيجية. كم كنت أتمنى لو أنه صدر بيان من وزارة الثقافة والإعلام ومن الشركة المنتجة يوضح القصة وينقيها من الإشاعات والأقاويل. فما جرى ليست مسألة سهلة كما يبدو. لا يمكن أن تترك القناة الأولى العمل الوحيد الذي يربط الناس بها في رمضان بسهولة إلا اذا كان هناك رؤيا جديدة سوف تنتهجها القناة في رمضان القادم ليس لطاش مكان فيها. حكاية الذروة هي صناعة سعودية لا أعرف أن قناة أو محطة تلفزيونية عربية تشكل لديها مفهوم الذروة هذا. بدأت القصة مع أم حديجان والطنطاوي وأخيرا طاش. يعد هذا الإنجاز الإسهام الوحيد للإعلام السعودي الذي لم يسبقه عليه أحد. أمام التلفزيون الآن احتمالان أما تطوير مفهوم الذروة أو إلغاؤه ولكن مع الغموض الذي يلف الوضع نحن أقرب إلى الغاء مفهوم الذروة. هناك تفسير يميل إليه بعض المحللين نظرية لا يمكن إهمالها عن سبب الانتقال. قرر التلفزيون أن يوازن الأمر. فأمام ضغط المتشددين التي تتعارض مع رغبة المواطنين ككل تقرر نقل طاش إلى ال(أم بي سي). سيشعر المتشددون بالانتصار ولن يحرم المواطن السعودي من مشاهدة طاش. وما هذه الضجة المالية التي تثار حول انتقاله إلا تغطية على سبب الانتقال الحقيقي. نحن الآن في الفصل الثاني وربما الأخير من حياة طاش ما طاش. انتقال عرض هذا البرنامج إلى قناة أكثر انفتاحا وتسامحا سوف يضع العمل امام تحدٍ جديد. ولا أقصد بالانفتاح الانفتاح الرقابي. فطاش تمتع برقابة متسامحة مع التلفزيون السعودي لم يحصل عليها عمل تلفزيوني قبله. وما حصل عليه طاش من تسامح هو أقصى ما تستطيع أن تقدمه ال(أم بي سي). لا تستطيع أن ترفع السقف المتاح فهي في النهاية قناة تلفزيونية سعودية، التحدي الذي سوف يواجهه طاش هو طبيعة الجمهور الجديد المضاف إلى جمهوره الأصلي. جمهور ال(ام بي سي) الأوسع. هل سيضيفهم أم سيكتفي بالجمهور السعودي الذي اعتاد عليه؟ هناك ثلاثة احتمالات الأولى ان يبقى طاش على ما هو عليه ويكتفي بجمهوره السعودي محققاً الغرض الإعلاني من وجوده على ال(أم بي سي) أو أن يغير من صبغته المحلية ليرضي العرب ولا أقصد أن يدخل لهجات عربية أخرى أو يضيف ممثلين عرب يبهرون البرنامج ولكن أن يخوض في القضايا السياسية بمثالية أو سذاجة كما هو حاصل في البرامج العربية الكوميدية. الحل الثالث: أن يغير في بنيته الفنية وأسلوب إنتاجه. فكل النقد الذي واجهه طاش طوال السنوات يعود إلى أن طاش بنى قوته الاساسية على التسامح الذي تمتع به في نقد الخدمات الحكومية. وهذا لا يمكن نقله إلى قناة عربية واسعة الجمهور كما أن نقد الخدمات الحكومية استنفد أغراضه. من الصعب على طاش المضي ببنيته الإنتاجية والإخراجية السابقة. فعامل النجاح الذي يغطي العيوب في الفن لا نفع فيه في الظروف الجديدة لن يجد البرنامج الموضوع الذي يغطي عيوب الجانب الإبداعي والفني. السؤال هل ذهب طاش إلى ال(أم بي سي) ليموت فيها أم لينبعث من جديد. فاكس: 1702164