كنت أتمنى لو أن الأخ سليمان العيدي وكيل وزارة الثقافة المساعد لشؤون التلفزيون لم يطلق أي تصريحات حول مسلسل أبو شلاخ ودعم التلفزيون للدراما السعودية. وترك الأمور تتحرك في مسارها، فهو يعرف أن عدد القنوات التلفزيونية هذه الأيام أكثر من عدد موظفي وزارة الثقافة والإعلام، والناس انفتحت على فضاء عظيم لا حدود له والقناة الأولى والقناة الثانية لم تعدا غصباً كما كانتا سابقاً. تلمس من تصريحات العيدي أن هناك نوعاً من الدفاع عن التلفزيون السعودي الذي لم يقدِّم أي عمل سعودي بعد أن وسع تعاقداته مع شركات ومنتجين وممثلين أجانب وتخلص من المنتجين السعوديين. يقول العيدي: (فتحت مدرسة التلفزيون السعودي مجال الانتشار الفضائي لعبدالله السدحان وناصر القصبي. فهي أيضاً تمنح الفرصة لفنانين آخرين مثل فايز المالكي وذلك للإسهام في وصول الفنان السعودي إلى أكبر عدد من الفضائيات والمشاهدين). جاء هذا التصريح في جريدة الحياة يوم 13 رمضان 1427ه. هناك تناقض بين تصريحات العيدي وبين إستراتيجية التلفزيون الجديدة، نقل إنتاج البرامج السعودية العريقة مثل المسابقات من الرياض إلى بيروت وإسناد إنتاج معظم البرامج إلى منتجين غير سعوديين والتوقف عن دعم الدراما السعودية برمتها وتبعثر الفنانين السعوديين على الفضائيات لا يتفق مع تصريح العيدي. الفنانون السعوديون الذين يتحدث عنهم الأخ العيدي تكيفوا مع الوضع الجديد ويمكنه أن يلاحظ ذلك لو تابع الفضائيات. القصبي والسدحان في الأم بي سي، وعامر الحمود وفريقه على أل بي سي والعيسى على قناة دبي وفهد الحيان على الأم بي سي، وهناك أيضاً عقود كثيرة مع محطات أجنبية سوف يسمع عنها الأخ العيدي قريباً. إلا إذا كان كل الفنانين السعوديين اسمهم فايز المالكي كما جاء في تصريحه فهذا شيء آخر. إنتاج مسلسل واحد والتعاقد مع ممثل واحد على مدى سنتين كاملتين لا يعد دعماً إذا عرضت القضية على الحس السليم. خلال الفترة الماضية التي تبعثر فيها الفنانون والمنتجون السعوديون تغيّرت خريطة الأم بي سي. يكفي أن الفترة الذهبية في الأم بي سي كلها أعمال سعودية ناجحة: مناحي وطاش وغشمشم والمنتجون لهذه الأعمال سعوديون أيضاً. علماً بأن الأم بي سي ليست ملزمة بتقديم الفن السعودي أو رعايته، والمسؤولون فيها لن يتملكهم الإحساس بالذنب إذا لم يلتفتوا إلى الأعمال الوطنية. في جهة أخرى من التصريح المذكور يقول العيدي: إن مسلسل أبو شلاخ حقق عائداً إعلانياً يفوق ما حققه طاش ما طاش. كلام كهذا قد يكون صحيحاً وإن كان لا يتفق مع التحليل المنطقي والحس السليم. إذا أخذنا في الاعتبار مستوى العمل المنافس فأبو شلاخ عمل بسيط، الممثلون فيه من الصف الثاني والثالث وإنتاجه متواضع المستوى ولا يحمل في داخله أي رسالة تفرض على المشاهد متابعته. يكفي أن طاش يحمل في داخله رسالة سعودية ويتخاطب مع قضايا الناس مباشرة ومتنوّع في طرحه، وفوق هذا وذاك ساهم بكل اقتدار في تقديم عدد كبير من الفنانين السعوديين ومخرجه سعودي أيضاً وعريق. فاكس 4702164