سعادة الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. قرأتُ بإعجاب كبير ما نُشر في صفحة (عزيزتي الجزيرة) وما خطه يراع الكاتبة هيا عبدالعزيز في العدد رقم (11892) يوم الأربعاء 11 من ربيع الأول 1426ه تحت عنوان (بين ذل الرجل والعثور على وظيفة ضاعت أحلامنا).. هذه الحقيقة التي أوجزتها الكاتبة في نقاط كانت ترسم فيها حقيقة المرأة اليوم، باختلاف مراحل عمرها وهي تلهث خلف سراب وهمي اسمه الوظيفة.. أما ما عنونت الكاتبة به مقالها بذل الرجل فهو موضوع اجتماعي آخر لا أحبذ الخوض فيه، لكنني أردت التعقيب على الشق الآخر في العنوان وهو البحث عن الوظيفة، وإن كنت أشكر عبر (العزيزة) الكاتبة هيا عبدالعزيز على هذا الواقع الذي كشفت عنه الستار بأسلوب مختصر رائع.. فإني أتمنى على فتيات هذا الوطن الغالي واللاتي أثق كثيرا بجودة أقلامهن وبمقدرتهن على صياغة المشاكل التي يرزحن تحت وطأتها أن يرينها النور وألا ينتظرن أن يأتي الآخرون ليصوغوا ما نعانيه بمزيد من التهوين حتى يتلاشى حماس المسؤول فيغفل العلاج ويرفع لنا لافتة تهيب بضرورة الاستسلام لهذا الواقع. وعلى قائمة هذه المشاكل معاناة البحث عن وظيفة.. وتماما كما أشارت الكاتبة حين قالت (بعض الرجال يرى أن المرأة ليس لها إلا البيت.. فهو يتكلم بمنطق خاص وأناني دون الإحساس بأكثرية معاناة الكثير من النساء) فهذه الرؤية التي تغلف عقول بعض الرجال حتما لا تتناسب مع عصر يدفع المرأة بقوة للعمل، وغالبا ما يكون الاحتياج المادي للأسرة وقسوة الظروف هما الدافع الشرس الذي يجبرها على العمل أيا كانت طبيعته سوى أن يلتزم بتعاليم الدين ويحترم طبيعتها كامرأة. أما ما نعانيه نحن اللاهثات خلف سراب الوظيفة فهو حصر الوظائف بمجال التعليم دون خيار آخر، وافتقار العديد من المناطق لمراكز التدريب والتأهيل الحكومية والتي يمكن للفتاة الانخراط بها لقتل شبح الفراغ الذي يكتسح أجواءها في الغالب، ويعود عليها بالفائدة التي تنشدها. وإذا ما وُجدت هذه المراكز فهي مراكز أهلية هدفها المادة أولا ثم تأتي الفائدة في المرتبة الثانية، في الوقت الذي تغيب فيه عيون الرقابة عما تحمله هذه المراكز من رسالة وماذا تقدم!. والفتاة التي تبحث عن وظيفة هي حتما تبحث عن الإفادة والاستفادة في آن واحدة.. فبالإضافة إلى الخبرات التي ستضيفها لها الوظيفة، والإحساس بإثبات الذات وتحقيق الطموح، فهي حتما ستستفيد من المردود المادي الذي سيضيفه لها العمل، وسيحقق لها التوازن الذي تسعى إيه.. وعلى وجه الخصوص حين تكون هذه الفتاة هي العائل الوحيد في الأسرة في حال ما إذا كان ولي الأمر عاطلاً أو عاجزاً عن العمل أو أن ما يتقاضاه لا يفي باحتياجات الأسرة. أما ما تحدثت عنه الأخت هيا عبدالعزيز حين قالت (وهناك من ينتظرن في طابور اللاهثات عن عمل حتى حفيت أقدامهن واليأس تسرب إلى أعماقهن).. فهذا اليأس حتما هو من استعار قلوبنا إلى نهاية لا نعلمها.. فمن المؤلم حقا أن نمضي ستة عشر عاما في التعليم وحين نستلم وثيقة التخرج فهي الوثيقة التي تنذرنا بأن نتجرد من الطموح وأن نتعلم فضيلة الصبر الطويل.. وأن نعتاد على الروتين الذي سلبنا المتعة في مفردات الحياة الجميلة التي لم نعد نراها الآن.. وهذا اليأس الذي أتى على قلوبنا لم يكن إلا نتاجا طبيعيا للانتظار بصمت دون أن نلمح بارقة أمل ترفعها لنا الوزارات التي تتبنى أحلامنا في نَيْل الوظيفة. كما أننا نتمنى عليهم أن يجيبوا عن تساؤلاتنا التي نثرناها عبر منابرنا الإعلامية العملاقة كهذه الصحيفة التي لا تألو جهداً في سبيل إيصال صوت المواطن للمسؤول؛ علّهم يفرجون عن عبارة تحيي فينا الأمل ثانية. وما ننشده أيضا هو تفعيل الحلول المطروحة من قِبَل العديد من قراء هذه الصحيفة وكتابها الذين تأتي آراؤهم عن وعي كبير بحجم المشكلة التي نعاني ثقلها، والتي نطالعها بشكل يومي تقريبا خاصة ما يتعلق بوزارة التربية والتعليم. والله ولي التوفيق. نوال ضيف الله النقى القصيم - القرين