الأخ الزميل الدكتور حسن بن فهد الهويمل - حفظه الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد: فإنني من المتابعين - قدر الإمكان - لمقالاتك في جريدة الجزيرة، ودون مجاملة أجد فيها - بشكل عام - توسطاً وتعقلاً وحواراً هادئاً وتلطفاً في القول، مع جزالة في العبارة وقوة في الحجة.. وكم أتمنى أن يأتيني مقالك وأنا خلو الذهن من المشاغل والصوارف حتى أعطي نفسي حظها من القراءة، وقد قدّر لي ذلك في مقالك الأخير (ويسألونك عن الليبرالية 1 - 2) حيث وقعت الجريدة في يدي وأنا أنتظر إقلاع الطائرة، ولذا استمتعت بقراءة المقال كله، وطابت لي توطئتك الجميلة وأنا أظنها لا تقل أهمية عن الموضوع نفسه إن لم تكن أهم، إذ فيها عرض لمفاهيم، وتصحيح لرؤى، وتأصيل جميل، ودفع لتهمة عجول. وبكل حال فإن (المنصف) يجد في (يراعك) توسطاً واعتدالاً وتأصيلاً ومعاصرة، تقبل الحوار، وتحاور (الخَصِم) وتؤمن بالمرجعية والردِّ حين الاختلاف إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم، ترفض التسلط، وتندد بالتبعية، وتعيد المصطلحات الوافدة إلى جذورها وأصولها وتعيب على السماسرة إشاعة القول بدون علم، وتأخذ على المستغربين حذوهم للقذة بالقذة، وأنت في هذا كله تُحذر هؤلاء وتدفع عن الأمة فتنة عمياء قد يكون وقودها المجتمع بأسره. إنني أرى فيك جمعاً لأصالة الفكر وعصرنة التفكير، تضيق بالانغلاق، وتمقت التفلت من الدين، وكأنك تردد مقولة الخليفة الراشد: (قصم ظهري رجلان، فاجرٌ متهتك، وجاهل متنسك) وأنت واعٍ لحيل المراوغين حيث تقف عند مخرج (عقدة المؤامرة) وتكشف عن المتسلقين على جدرانها لهدم الثوابت، والمتخذين منها سُلماً للركض وراء السراب. أخي الدكتور حسن: أنت رائع ومقبول من المنصفين ولا يجرمنك الشانئون، فتلك منك زكاة القلم، وواجب المسلم، ومسؤولية البلاغ، ولا سيما في زمنِ ضعف الانتماء وتأرجح الهويات.. كان الله في عونك أخي حسن، وسدد على طريق الخير خطاك، وشكراً لك من الأعماق. حفظكم الله ورعاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.