* في دروب الحياة تستوقفنا بعض المشاهدات والمواقف المحسوسة المؤثرة.. خفية عند البعض يحتاج لزمن كي يدركها، واضحة عند آخرين لا تحتاج للبحث والتقصي يستشعرها كبحر ممتد يقف على شواطئه.. أو كجبل صلب ثابت الجذور.. * حقيقة أراها لا خيالاً، لاحظتها وأحببت التحدث عن مفهومها عليّ القي عليها بصيص الضوء ليعكس أملي في تغيير اتجاهنا في بعض المعاملات للارتقاء بالذوق العام، ففي الحديث (الدين المعاملة) ولعلي أدلي بدلوي في هذا المضمار.. * ليست لغزاّ محيراً ولا كنزاً مفقوداً يحتاج لدهاة لفك رموزه!! إنها سلوكياتنا.. فهل هي موروثة أم مكتسبة؟ سؤال يجرنا لآخر.. فهل تسير بنا هذه السلوكيات إلى مرافئ الأمان فنطورها إلى الأحسن؟ أم هي جملة تفاهات تنمو بداخلنا ليتشربها أبناؤنا من بعدنا؟ * والطبع والتطبع وجهان لعملة واحدة.. فالسلوك والطباع ينميان فينا العادات فلو أجرينا اختباراً ذاتياً على فرد من أي نوع من شرائح المجتمع لنرى ما يتمتع به من مزايا وعيوب لنشجعه على جميل السجايا، ونشير إلى قبيحها لمسحها من قاموسه بالتدريج فلا يتطبع إلا بالمعاني الحميدة ويرفض ما سواها، ليكون شخصية ذات قيمة وهدف يسوقها للارتقاء لقمة المعالي، وبذلك نضمن أن ليس بيننا سفيه يعلم جليسه سفاسف الأمور، يتلقاها دونما سابق إنذار، (فالمرء من جليسه)، وذروة هذه الصفات جمالاً.. الحلم.. والعلم.. ولمن تمسك بهما سارت مراكبه إلى واحة السعادة الغناء التي يرنو إليها كل عاقل يظفر بكل فرصة ذهبية.. * التفت يمنة ويسرة وحين تجلس بين القوم.. سيبهرك هذا بامتيازه فعلاً وسيثبط ذاك عزيمتك على ما يسمى بالصفات الحسنة والسلوك السوي، فهو أرعن يتخبط ليكسر لك معنى جميلاً، كمبادرة بحديث لا فائدة منه أو تدخل في شؤون الآخرين، أو كثرة شكوى لا علاقة للجالسين بها، فلو ملأ المجلس بذكر مثلاً أو تنبيه الغافلين ببعض الفوائد لكان خيراً له ولهم، (فليقل خيراً أو ليصمت). ومن منا لا يخطئ..؟ لكنني أشير إلى التقليل ما استطعنا من ذلك لتدريب النفس على خير الفعال، ولك أن تتساءل هل سلوكه هذا موروث الزم به؟ أم هو مكتسب من غيره؟ وأياً كان.. يجب عليك إقحامه في تغيير هذا المبدأ ليراجع حساباته.. وليدرك ما فاته فليس الخطأ أن نخطئ، إنما أن نستمر على الخطأ.. فليس من الضرورة أن تلبس ثوباً خلفه أبوك وقد تكون ألوانه لا تناسبك.. أنا هنا لا أتنكر لطيب الأجداد فهم أصلنا وإنما حال بعضنا، والله، يرثى له فلو رفضت له أسلوباً أو صنيعاً لقال: (طالع على أبوي.. أو كان جدي كذا!!) فهل من البر السير على نهج ودونما ضوابط؟! أمل أن أكون لامست فيكم فهماً وأبرزت حباً نحو الأفضل.. وكل لبيب بالإشارة يفهم.