تتّجه أنظار تجار الخضار في كافة أرجاء المملكة ودول الخليج العربي، مع بداية فصل الصيف من كلِّ عام، إلى وادي الدواسر، حيث إنتاج فاكهة الصيف (الحبحب) أو (البطيخ)، كما يحلو للبعض تسميتهما به، والذي يتزامن مع نزول الشمام من مزارع المحافظة إلى السوق .. إلاّ أنّ حبحب وادي الدواسر، وبما يتميَّز به من لون أحمر ومذاق لذيذ وكبر في الحجم، يجعل تجار الخضار والفاكهة بالمملكة يقيمون بورصة كبيرة لمدة شهرين كاملين، تبدأ يومياً من طلوع الفجر حتى منتصف الليل خلال تلك الفترة، لشراء هذه الفاكهة من وادي الدواسر، ومن ثمّ تسويقها في جميع مناطق ومحافظات وهجر وقرى مملكتنا الغالية، بل وتتخطاها إلى الدول الخليجية المجاورة. (الجزيرة) قامت بجولة على مزارع وحقول الحبحب وسوقه بمحافظة وادي الدواسر، لنقل الصورة الحقيقية لحجم تجارة هذا السوق، الذي اتجهت إليه أنظار التجار والمستهلكين هذه الايام .. ففي بداية جولتنا التقينا بالمزارع المستثمر في المحافظة عبد الحميد علي بوشي الذي يستثمر في مزارع وادي الدواسر منذ أكثر من 27 عاماً، حيث قال: نحمد الله على جودة الإنتاج هذا العام وخلِّوه من الآفات المدمرة، وما يخيفنا حقيقة هو التسويق حيث نزلت الأسعار إلى أدنى مستوياتها، فقد وصل سعر السيارة الصغيرة إلى أقل من 500 ريال، وهو خلاف الأسعار في المواسم الماضية، وفي ذلك خسائر كبيرة لأنّ تكلفة الإنتاج تعتبر عالية نسبياً والتي تختلف حسب خلوِّ الموسم من الآفات، وحاجة الأرض إلى العناصر الغذائية، إلاّ أنّها تتراوح بين 6000 ريال و8000 ريال للهكتار الواحد، وتصل إلى 10000 ريال للمزارع المستثمر بالإيجار من مزارعين آخرين .. بالإضافة إلى إيجار المعدات الزراعية لغير المالكين لها .. مشيراً إلى أنّ مَزارع وادي الدواسر ولله الحمد، ذات إنتاج عالٍ، إذ يصل متوسط إنتاج الهكتار الواحد إلى 45 طناً تقريبا، وقد تزيد أو تنقص حسب نوع التربة وجودة العناية. كما أنّ زيادة أسعار المبيدات والأسمدة، والتي ارتفعت إلى نسبة تزيد على 80%، زادت من تكلفة الإنتاج هذا العام. مؤكداً أنّ من أسباب نزول الأسعار وجود الحبحب المستورد من جمهورية اليمن الشقيقة في الأسواق، وتزامن موسم الإنتاج في عدة مناطق في وقت واحد، ومنها الخرج والساحل ووادي الدواسر .. أما المهندس عبد الحليم حافظ أبو كشك، المشرف على عدد من مشاريع الحبحب بوادي الدواسر، فقد حدثنا عن زراعة القَرعيات (الحبحب، الشمام) بالمحافظة، وقال تبدأ زراعة الحبحب والشمام في وادي الدواسر في الفترة من 15 يناير إلى 15 فبراير، وتسبقها عمليات تحضير للتربة من حراثة وإضافة أسمدة عضوية. وتستمر فترة الزراعة حوالي 90 يوماً قبل جني أول الثمار .. وعن فترة الإنتاج قال المهندس عبد الحليم إنّها تستمر من 45 يوماً إلى 60 يوماً حسب العائد من عمليات التسويق .. وفي سؤال عن المساحات المزروعة هذا العام في وادي الدواسر قال إنّها تصل إلى 5000 هكتار للحبحب، و1000 هكتار للشمام، بزيادة تتجاوز 20% عن العام الماضي. وقد قامت الجزيرة بجولة في سوق الحبحب بوادي الدواسر والذي قامت بتجهيزه بلدية المحافظة لبيع الحبحب، الذي بدأ يفد إلى السوق بما لا يقل الآن عن 1000 سيارة يومياً. ومن المتوقع أن يتجاوز ذلك بكثير خلال الأيام القليلة القادمة .. وقد تحدث لنا عدد من تجار الحبحب عن كلِّ ما يدور في هذه البورصة السنوية، حيث قال المواطن مسلم بن فيصل آل عثيمين: إننا ننتظر هذا الموسم كلّ عام، ونستعد له بكافة التجهيزات من سيارات وتفاهم مع عملائنا في الأسواق المحلية والخليجية. ولكنّ الأسعار المتدنية والمتأرجحة، التي تختلف في بداية اليوم عن آخره بزيادة أو نقصان، سبّبت خسائر على المزارعين، وطالتنا نحن التجار أيضاً، مما يجعل الجميع في حاجة إلى تبنِّي تسويق مثل هذه الكميات الكبيرة من الإنتاج المميز، بحيث تتبنَّى الجهات الحكومية أو الجمعيات الزراعية تنظيم وتسويق المنتجات داخل المملكة وخارجها، ومنع نزول منتجات الدول الأخرى خلال فترة الإنتاج بالمملكة .. وعن الأسعار في السوق قال: يصل سعر حمولة السيارة الصغيرة من الحبحب إلى 1000 ريال وقد يقل في نفس اليوم ليصل إلى 500 ريال. أمّا الشمام فتتراوح أسعاره بين 800 ريال و500 ريال .. كما ذكر أحد التجار، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أنّ سوق وادي الدواسر يحتاج إلى تنظيم وقت العمل به ليحافظ على أسعاره اليومية، بحيث تبدأ فترة الحراج في ساعة معيّنة وتنتهي في ساعة معيّنة، ويحضر جميع التجار هذه الفترة للشراء بمزاد يشهده الجميع. ومما يشار إليه .. الاستهلاك الكبير جداً من المياه لزراعة الحبحب رغم أنّ الري المحوري هو السمة السائدة في الري، إلاّ أنّ طريقة استخدامه هي أشبه ما تكون بالري بطريقة الغمر، وفي ذلك استنزاف للثروة المائية في بلادنا.