عاشت الأعمال الكوميدية في دولة الكويت مرحلة ازدهار وتألق كبيرين، وكان هذا منذ فترة طويلة كان فيها (أبو الفنون) المسرح هو المُتسيد في المنطقة عندها شق الثنائي سعد الفرج وحسين عبدالرضا طريقهما في عالم الفن والكوميديا حتى أصبحت الأعمال التي قدماها من أجمل وأروع ما مرّ على تاريخ الكوميديا الخليجية لتميزها بالتلقائية والفكاهة التي تعتمد على الموقف.. ولبساطة اختيار الألفاظ الكوميدية والدليل على صحة ما أقول إننا عندما نُشاهد الأعمال القديمة وعلى سبيل المثال لا الحصر مسلسل (درب الزلق) تجدنا نضحك وكأننا لم نضحك من قبل مع العلم أن بعضنا شاهدها مراراً وتكراراً ولكنه لم يمل منها. انفصال حسينوه عن سعد وبطبيعة الحال فإن ازدهار الكوميديا الكويتية في تلك الفترة لا يُجير لهذا الثنائي فقط ضمن خلفهما كان هناك الفنان القدير (خالد النفيسي) وكذلك الفنان (الراحل) عبدالعزيز النمشي، الذي كان يمثل دور (أم عليوي). بعد ذلك بدأ هذا الجيل بالافتراق شيئاً فشيئاً فعبدالرضا ابتعد عن رفيق دربه سعد الفرج أو النفيسي فأصبح شبه مُقيم في دولة المغرب مما أثر على الساحة الفنية الكويتية والخليجية بشكل عام. هذا الفراق الذي تشكّل من جراء ابتعاد (حسين) عن سعد واختفاء النفيسي أدى إلى ظهور ثنائي نسائي جميل. الثنائي النسائي * هما الفنانتان القديرتان (سعاد عبدالله) و(حياة الفهد) وكان ذلك في الثمانينيات الميلادية فشاهدنا حينها مسلسلاً رائعاً بعنوان (رقية وسبيكة) وبعده قدمتا مسلسل (على الدنيا السلام) وهذان العملان من أبرز الأعمال الكوميدية في تاريخ هاتين الفنانتين، ولكن هذا الثنائي النسائي الظريف لم يُدم طويلاً، حيث حصل بينهما الفراق بسبب خلاف مادي كبير. الفراغ الذي لم يشغله أحد * بعدها أصبح هناك فراغ في الكوميديا الكويتية لم يشغله أحد بالرغم من تقديم بعض الشباب لمسرحيات مثل (لولاكي) و(هالو بانكوك) إلا أنها لم تواز ما قدمه العملاقة أو أبناء (زكي طليمان) على خشبة المسرح. وفي مطلع التسعينيات الميلادية وبعد الغزو العراقي قدم الفنان (حسين عبدالرضا) مسرحية بعنوان (سيف العرب) استخدم فيها أعلى أسلحة الكوميديا وهو التحكيم فرسم فيها النكتة ببراعة.. وجسّد شخصية الرئيس المخلوع (صدام حسين) بطريقة كوميدية واستقرت في وجدان المتلقي وشارك في هذا العمل المسرحي الكبير نخبة من نجوم الكوميديا والمسرح. بعد هذه المسرحية التي تعرض على إثرها (حسين) لمحاولة اغتيال كادت أن تودي بحياته استعاد المسرح الكويتي جزءاً من عافيته، وعُرضت مجموعة من الأعمال الجيدة. انتكاسة الكوميديا * بدأت انتكاسة المسرح الكويتي على يد المنتج التجاري (محمد الرشود) حيث روّج للتصريح بلا حدود واستخف بعقلية المتلقي بطريقة أساءت كثيراً لتاريخ الكوميديا والمسرح ومازلت حتى الآن الأمر الذي دفع بعضاً من أبناء الرعيل الأول مثل: سعد الفرج، حياة الفهد أن يمتنعوا عن تقديم أي عمل مسرحي بسبب اعتماد البعض على الربح التجاري البحت بعيداً عن احترام الجمهور. داود وانتصار * في هذا السياق يجب أن لا نغفل عن ثنائي كوميدي مُهم مُتمثل في كل من: انتصار الشراح وداود حسين اللذين استمرا معاً لفترة من الزمن قدما خلالها برامج كوميدية جميلة تكاد تكون أبرزها برنامج (فضائيات) الذي لاقى نجاحاً باهراً حينها. وبمجرد افتراق انتصار عن داود تعثر الأخير في تكملة مشواره الكوميدي مما يثبت أن لانتصار دوراً كبيراً في نجاحه. عليك سعيد ومبارك ما دعاني لكتابة السطور الماضية هو الحال المُزري الذي وصلت إليه الكوميديا الكويتية فإذا قمنا بتشخيص دقيق لحالتها المرضية لوجدناها تحتضر!! فما يُقدم الآن من أعمال كوميدية لم تصل لمستوى طموحاتنا (كجمهور أو نقاد) والدليل البرامج والمسلسلات الكوميدية المُهترئة التي نشاهدها بين فترة وأخرى ولعل أبرز مثال. هو ما يعرض حالياً على الفضائية الكويتية بعنوان (عليك سعيد ومبارك) هذا المسلسل الذي برزت فيه مجموعة من الأخطاء الكبيرة لعل أهمها قصته المبالغة فيها والأداء الكوميدي الباهت من قبل المشاركين فيه لذا لم نُشاهد فكاهة لتغطية على مستوى عال بل ظهرت هناك (محاولات لاستخفاف الدم) من قبل بعض الممثلات المشاركات بطريقة مملة لم ترتق للكوميديا الحقيقية التي تثير الضحك لدى المتلقي وفي نفس الوقت تشعره بالأسى على بعض نقائض الحياة التي يتناولها المسلسل. وأنا هنا لا أُلغي الموهبة الموجودة لدى بعض من شارك في المسلسل مثل (هدى حسين) التي حاولت في بعض اجتهاداتها الشخصية أي تصل لأعلى صور الكوميديا عندما كانت تتهكم على الواقع الذي يعيشه مع زوجها (الاتكالي) الذي لا يُحسن التصرف كزوج ورب أسرة ولكن اجتهاداتها هذه لم تكن كفيلة بأن تُخرج العمل لبر الأمان وتوصله للكوميديا الهادفة والمفيدة لأن المخرج لم يقم بدوره الحقيقي فترك (الحبل على الغارب) للمشاركين فأخذ بعضهم (يُهرج ويستهبل) كيفما اتفق دون أدنى شعور بالمسؤولية التي تقع على أكتافهم تجاه المُشاهد!!. رمضان قادم رمضان القادم سيشهد أعمالاً كوميدية كويتية أتمنى أن يُقدم فيها شيء يحفظ من خلاله الأشقاء في الكويت جزءاً من تاريخهم العريق في هذا المجال.. فهل تتحقق هذه الأمنية. مُلاحظة مُهمة لم أتطرق في طرحي التفصيلي هذا لمسرح الرُعب الذي قدّمه الفنان (عبدالعزيز المسلم) لأنه يحتاج إلى حلقة خاصة سأتناولها لاحقاً.