لم يكن حسين عبدالرضا يتوقع أن عنوان مسرحيته الشهيرة "باي باي لندن" التي قدّمها عام 1981 ستكون النقطة الأخيرة في حياته، حيث أفضى إلى ربه في العاصمة البريطانية بعد أيام من تعرضه لجلطة في قلبه، وكأنه أراد أن تكون تلويحته الأخيرة لجمهوره العربي الكبير بذات العنوان الذي ابتدعه قبل 36 سنة، مختتماً بهذه النهاية المؤلمة رحلة خمسين عاماً من الإبداع جعلته أحد أهم صنّاع الفرح والابتسامة في العالم العربي. للمرة الأولى منذ أن عرف العرب اسم حسين عبدالرضا يظهر هذا الاسم قريناً للحزن والبكاء والألم، حيث ارتبط اسمه دائماً بالكوميديا الإبداعية ذات العمق الاجتماعي منذ أن انطلق في رحلته الفنية مع مسرحية "صقر قريش" عام 1961م وحتى آخر لحظة من حياته. ولد حسين عبدالرضا عام 1939 في دروازة عبد الرزاق بفريج العوازم في منطقة شرق في الكويت، لأب يعمل بحاراً، وتلقى تعليمه في الكويت حتى مرحلة الثانوية العامة، قبل أن يعمل في وزارة الإرشاد والأنباء في قسم الطبع، والتي سافر على إثرها إلى مصر وألمانيا في بعثتين على نفقة الوزارة لتعلم فنون الطباعة، ثم عاد ليعمل في الوظائف الحكومية وتدرج فيها إلى أن وصل إلى منصب مراقب عام قسم الطباعة في وزارة الإعلام قبل تقاعده عام 1979. يعتبر حسين عبدالرضا من مؤسسي الحركة الفنية في الخليج مع مجموعة من الفنانين منهم خالد النفيسي، وعلي المفيدي وسعد الفرج، وإبراهيم الصلال، وغانم الصالح، ومريم الصالح وغيرهم. وجاء دخوله إلى الفن مقروناً بالصدفة إذ شارك في أول عمل فني له بديلاً للبطل الرئيسي وكان ذلك في أوائل ستينيات القرن الماضي من خلال مسرحية "صقر قريش" التي كانت باللغة العربية الفصحى، وبعد أن أثبت نجاحه أمام أنظار مخرج المسرحية زكي طليمات، انطلق في رحلته الفنية مقدماً أهم الأعمال التي ارتكز عليها بناء الفن الدرامي في الخليج، ومن أهمها على الإطلاق مسلسل "درب الزلق" مع سعد الفرج، وخالد النفيسي، وعبدالعزيز النمش، وعلي المفيدي. إلى جانب مسلسل "الأقدار" الذي كتبه بنفسه، ومسلسل "الحيّالة" مروراً بمسلسل "سوق المقاصيص". أما على صعيد المسرح فيعتبر الفنان الراحل من رموز المسرح في الخليج والعالم العربي بفضل مسرحياته الشهيرة مثل مسرحية "بني صامت" التي قدمها عام 1975 ومسرحية "على هامان يا فرعون" عام 1978 ومسرحية "عزوبي السالمية" عام 1979 ومسرحية "باي باي لندن" عام 1981 إلى جانب مسرحية "فرسان المناخ" عام 1983، ومسرحيته الشهيرة "سيف العرب" التي قدمها عام 1992 وتناول فيها مأساة الغزو العراقي للكويت. كان حسين عبدالرضا فناناً متكاملاً بشكل استثنائي، فكتب سيناريو مسلسلاته ومسرحياته، إلى جانب تأليفه لأوبريتات شهيرة، وغنائه فيها، مثل أوبريت "شهر العسل" وأوبريت "بساط الفقر" وأوبريت "بعد العسل" والذي شارك في بطولتها إلى جانب الممثلة سعاد عبدالله التي ارتبطت معه في ثنائية مميزة تضاف إلى مجموع ثنائياته التاريخية مع نجوم الفن الكويتي مثل سعد الفرج الذي اشترك معه في مسلسل "درب الزلق"، ومسلسل "الأقدار"، ومسلسل "سوق المقاصيص" إلى جانب مسرحيات "بني صامت"، و"على هامان يا فرعون"، و"صقر قريش"، وكذلك مع الفنان خالد النفيسي في مسلسلات "محكمة الفريج"، و"ديوان السبيل"، و"الحيالة". وبرحيله ليلة أول أمس في أحد مستشفيات لندن، تنتهي رحلة أهم فنان في تاريخ الفن الخليجي، والذي لم يتوقف حتى آخر لحظة في حياته عن رسم الابتسامة وإشاعة الفرح بأعماله التي مازال وهو في سن ال 78 من عمره يفكر في تقديمها، حيث كان يستعد لتقديم مسلسل كوميدي في شهر رمضان المقبل مع رفيقة دربه الفنانة سعاد عبدالله، وتحت إشراف الكاتب خلف الحربي الذي كان مهندس آخر أعمال قدمها الفنان الراحل وهما "أبو الملايين" و"سيلفي 3". مسرحيات عبدالرضا كانت توثيقاً لنبض المجتمع حسين عبدالرضا.. وداعاً الراحل مع محمد عبده وأبو بكر سالم مع رفيق البدايات سعد الفرج