الصحة نعمة من نعم الله التي أنعم بها علينا، وكم إنسان حرم هذه النعمة العظيمة ممن ابتلوا بالأمراض قليلها وكثيرها، أولئك الذين يغبطون الأصحاء على ما هم فيه من صحة وعافية، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس.. الصحة والفراغ)، وقيل في الحكمة: (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء) ومن أراد أن يعرف عظم هذه النعمة التي هو فيها فليذهب إلى المستشفيات ليرى بنفسه ممن حرموا من الصحة بسبب الأمراض التي ابتلاهم الله بها، بل المريض نفسه إذا رأى غيره من المرضى الذين ابتلوا بأمراض معضلة علاجها صعب إلا برحمة من الله هان عليه مرضه وقد قيل (من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته) فمرضه قد يكون أقل بكثير من مرض غيره لذا تهون عليه مصيبته وترتاح نفسه ويطمئن قلبه، فالصحة نعمة لا تقدر بثمن من أوتي إياها فهو في خير عظيم يجب أن يحافظ على هذا الخير ويصرف هذه الصحة في طاعة الله ويستغل وقت الشباب والصحة والعافية بما يقربه إلى ربه ومولاه، قبل أن يدهمه مرض لا يستطيع معه أن يقدم ما يقربه إلى الله، والعمر فرصة والنبيه من يستغل الفرص ولا يضيعها، والسعيد من اتعظ بغيره، وحافظ على صحته وصرفها في طاعة المولى عز وجل، وقد أثبتت الدراسات أن من الأسباب التي تجعل الإنسان يصاب بكثير من الأمراض العضوية استخدامها في معصية الله ومن ذلك النظر والسمع، والقدمان واليدان واللسان.. إلخ، فهي خلقت من أجل الاستفادة منها في طاعة الله، وكل شيء ميسر لما خلق له، فإذا استُعملت لخلاف ذلك خالف صاحبها الفطرة في ذلك وصرفها لغير ما خلقت له فضعفت وتقهقرت وأصابها الهوان، وإن كان ذلك كله بتقدير من الله ولحكمة أرادها سبحانه وتعالى، وقد تكون الإصابة بها ابتلاء أو بلاء لعباده حتى يخافوا ويعودوا إلى ربهم ويقلعوا عن الذنوب والمعاصي، لذا علينا أن نحافظ على هذه النعمة العظيمة التي لا تقدر بثمن ونصرفها في مرضاة الرب جل وعلا، ونبتعد عن كل ما يعكر صفوها ويجلب لأجسامنا الأمراض والسقم ونجتهد في ذلك وربك يفعل ما يشاء ويختار ونحن على رضا تام بما يقدره لنا، وعلينا أن ندعو لإخواننا ممن ابتلوا بالأمراض بالشفاء العاجل، وان يجعل ذلك كفارة لهم.