ماذا أقول عنك يا مغارة كنوز الأحجار الثمينة.. وحديقة الأزهار الجميلة.. وبستان النخيل والفواكه المثمرة؟ عذراً سيدتي.. عذراً لغتي.. عذراً لغتي.. ما عاد يجدي أن تقولي: أنا البحر في أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتي ما عاد يجدي!! فنحن بنوك سيدتي ونحن قاتلوك ونحن أصحاب الخناجر كلها مهلكوك.. خنجر باسم العامية، وآخر باسم اللغات الأجنبية، وخريج الجامعة الذي يفشل في كتابة صفحة واحدة دون وفرة من الأخطاء اللغوية والإملائية.. هو خنجرنا المغروس في قلبك الطيب يا لغتي.. ويطلع علينا بين الحين والآخر قائل يقول لنا إنك ولدت مع الدين فلتظلي له وتبتعدي عن كتبنا ومجالسنا.. كأنك مت يا سيدتي.. كأنك ما كنت.. يكفي أن قرآننا العظيم نزل بك رغم أنه دعوة لكل البشر.. يكفي أنك لغة العلم الذي سكب أنهاراً في الرافدين، وسرقت كنوزه في صقلية والأندلس.. يكفي أن مصطلحات العلم اليوم بلغات العصر هي مشتقة من ألفاظك يا سيدتي.. إنك لغة العصر وكل عصر ففي كل اللغات نجد الخلل والقصور في التعابير والمفردات إلا فيك ياسيدة اللغات، فالمعاني بحور، والأساليب فضاء واسع والشواهد: الأدب العظيم، وشِِِعرنا الذي شهد لك به الأجانب قبل أبنائك، وعلاّمة أفنى عمره يدرسك وألمّ باللغة الإنجليزية وبعد أكثر من نصف قرن من إبحاره في معانيك جاء يقول: (إنني أجيد اللغة الإنجليزية والقليل من العربية)!! وبعد كل هذا يقال إن عصرنا يحتاج إلى لغة حية؟! إنك لعمري أميرة اللغات، فلا تأبهي لهم، فالعهد جاءك من ربهم كلهم بالحفظ، وهؤلاء الباحثون عن اللغة الذهبية سيعودون.. حتماً يعودون إليك.. فليس كل ما يلمع ذهباً....