أمي الغالية وداعاً لك من الرحمن عظيم.. وداعاً من القلب والأنين.. وداعاً.. وداعاً.. لقد أعياني التعب، وأنهكني الأرق والسهر.. وتورمت جفوني من كثرة الدمع وقد ذاب القلب من فراقك كالشمع، أمي.. هل حقاً رحلتِ؟ مازلت أشم رائحتك بين يديّ.. مازلت أرى ملامح وجهك عند عينيّ.. مازلت أسمع صوتك يرن في أذني.. مازالت ذكراك تجول في قلبي.. كنت الأب والأم والأخ والأخت.. كنت أشكي فتتداركيني.. كنت أبكي فتمسحين دمعي.. كنت بلسم جروحي وقلبي.. كنت.. كنت..!! والآن من لي بعدك غير الله ؟!! يا صفحات الزمن اكتبي بخط عريض قبل أن يجف حبرُكِ لفراق والدتي بأن (نبراس) قلبي وروحي قد رحل.. بأن جنتي في هذه الدنيا قد أغلقت.. بأن زهرة عمري قد ذبلت وماتت. أمي هل رحلتِ حقاً.. لن أنساك ولو لمرة واحدة.. ولو للحظة واحدة.. صورتك في ذاكرتي لن تزول ولن تبور.. ترافقني أينما ذهبت!! لن أنساك وسأعيش لذكراك يا عماد جسدي وبيتي!! لقد تحطم العمر لفراقك وارتمى.. وحزن الفؤاد لرحيلك وانكوى وانمحى مصدر حناني وحبي وانلغى أمي.. تطلع شمس كل يوم فأتذكرك.. أتذكر تلك الابتسامة التي تعلو شفتيك تقابليني بها كل صباح رغم المرض والتعب. أتذكرك.. فأتذكر تلك المهجة البيضاء تتلألأ صفاءً وإيماناً.. أتذكرك وأتذكر ربيع أيامك الذي دفنتيه لأعيش أمي.. لقد عشت في كنفك ولن أنساك ما حييت.. لن أقوى على فراقك ولن يُملأ فراغك.. لن تعودي لي مرة أخرى.. لن أراك مرة أخرى.. لن أرى تلك العينين وقد امتلأت بالصبر والوفاء.. ولن أرى تلك اليدين اللتين تعطيان الحب والحنان.. لن أنسى منظرك.. ونور وجهك.. وسرور ابتسامتك لن أنسى جميلك لن أراك مرة أخرى في هذه الدنيا الكبيرة ذهبت وذهب قلبي معك.. ذهبت وذهبت روحي معك حبيبتي.. مازلت أفتقدك!! هل ستعودين؟! أم تلك هي آخر نظرة ألقيتها عليك وأنت مطمئنة مبتسمة راضية مرضية بإذنه تعالى، ومالبثتِ إلا أن حملوك على النعش وقد تقطع قلبي يريد مصاحبتك أو بقاءك معه.. يصرخ بأعلى صوته لكن دون جدوى.. لقد مزق جسدك الإنسلين وطغت عليك صروف الدهر والسنين.. وهاهي تتعالى لك أصواتي والحنين ولقد تعبت من البكاء والأنين أمي.. صرخت بأعلى صوتي (أمي) ولم أسمع سوى صدى يراددني ولم أرَ سوى خيال يلاحقني.. أمي الوداع.. الوداع.. أسأل الله العلى القدير أن يلهمني الصبر والسلوان على فراقك وأن يسكنك فسيح جناته تحت ظل عرشه في منزلة الأنبياء والصالحين وأن ينير لك في قبرك ويمد لك فيه وجميع موتى المسلمين وأن يجبر كسري ورحيلك عني إنه على ذلك قدير. *) ابنتك - والدة عبدالله بن عبدالرحمن المعمّر