من الأسئلة الشائعة التي تردنا إلى قسم العمليات بين حين وآخر.. لماذا تأخر مريضنا في العمليات، مع أن الجراحة يفترض أن تكون قد انتهت؟ في الحقيقة ان هناك بعض الإجراءات الروتينية التي تجرى للمريض المرشح لعمل جراحي قبل وبعد العملية، وذلك بهدف نجاح الإجراء الجراحي الذي أتى من أجله المريض. فلا بد قبل البدء بالتخدير من تأمين خط وريدي للمريض (المغذي) يعطى من خلاله الأدوية اللازمة للتخدير والجراحة وخصوصاً عند الأطفال الذين يبدون الخوف الشديد من مثل هذا الإجراء، فنضطر لتنويمهم السريع في غرفة العمليات، ثم إعطاء المغذي اللازم لإتمام التخدير وهذا قد يتطلب بعض الوقت، حيث يبدأ بعده التخدير، ثم تجرى العملية الجراحية التي تستغرق وقتاً يختلف من عملية لأخرى. وعندما يغادر المريض طاولة العمليات ينقل إلى غرفة الإنعاش (الإفاقة) وذلك لكي تستكمل عملية الصحو التام، حيث يستعيد بعدها المريض كامل وعيه. فمن المعروف حديثاً أن يتم بالممارسة التخديرية مراقبة المريض بحذر ودقة خلال مباشرة واستمرارية التخدير والعمل الجراحي، وعلى كل حال فإن العديد من المشكلات المترافقة مع التخدير والجراحة تحدث في فترة ما بعد العمل الجراحي، ولذلك فإنه من الضروري مراقبة المريض خلال فترة الصحو من قبل فريق متدرب وقادر على اتخاذ التصرف المناسب عند حدوث اختلاط ما، وإن مسؤولية إنعاش المريض وضمان سلامته تبقى ملقاة على عاتق طبيب التخدير خلال هذه الفترة، وعادة ما تكون غرفة الصحو ضمن جناح غرف العمليات أو ملاصقة له، ويجب أن يتوافر لكل مريض في هذه القاعة الأجهزة والمعدات التي تضمن سلامته حتى إتمام عملية الصحو، وكمثال على ذلك يتم وصل المريض مباشرة حال وصوله غرفة الإفاقة بجهاز المراقبة المستمر لتخطيط القلب، ومقياس الأكسجين النبضي (الأوكسي ميتر) ومقياس الضغط الشرياني، وبذلك يتم مراقبة كل المرضى بقياس معدل القلب والضغط الشرياني ومعدل التنفس وبتقدير مستوى الوعي وتقييم الدوران المحيطي وكفاية التهوية، ويجب إجراء القياس الروتيني المتكرر للنتاج البولي لدى المرضى الذين خضعوا لجراحة كبرى ما، ويتم فحص الجروح والضمادات بشكل منتظم وذلك لاستقصاء النزوف، ويجب عدم نقل المريض إلى غرفته في جناح التنويم حتى نتأكد مما يلي: 1- عودة وعي المريض بشكل كامل واستعادته لقدرته على المحافظة على طريق الهواء محرراً. 2- كفاية واستقرار التهوية لديه. 3- توقف النزف أو فقدان الدم. ومن الأعراض التي يمكن مواجهتها في غرفة الصحو، تأخر عودة الوعي لفترة بسيطة بعد العملية، تهيج المريض، الألم الناجم عن الجراحة، تغيرات الضغط الشرياني خاصة عند كبار السن، نقص تهوية ناجم عن مواد التخدير يمكن معالجتها بإعطاء الأوكسجين بسهولة، ومن الأعراض الشائعة أيضاً القيء والغثيان. وكل هذه الأمور يمكن معالجتها ببساطة بفضل أجهزة المراقبة المستمرة الموجودة في غرفة الصحو والأدوية العديدة المتوفرة بشكل دائم بوجود طاقم طبي وتمريضي متدرب. تلك هي الإجابة على سؤال مهم يطرحه الأهل عن سبب تأخر مريضهم في غرفة العمليات، إنها إجابة تزداد وضوحاً عندما يصل إليهم مريضهم كامل الوعي، يحدثهم ويحدثونه، وبكل هدوء وبدون أي ألم -بإذن الله -. ( * ) إخصائي التخدير والعناية المركزة