يعتبر الغثيان والإقياء من الأعراض الشائعة التي تحدث لدى المرضى بعد العمل الجراحي الذي يتم إجراؤه تحت التخدير العام حيث تتراوح نسبة حدوثها ما بين 30 إلى 60% من المرضى الذين يخضعون للعمل الجراحي وتحدث هذه الأعراض إما مباشرة بعد العمل الجراحي (في غرفة الإنعاش غالبا) أو بعد ذلك خلال وجود المريض في جناح التنويم، وتتراوح شدة الأعراض من خفيفة وتزول بسرعة إلى متوسطة الشدة وتدوم من يوم إلى يومين على أبعد تقدير، وقد تكون هذه الأعراض مزعجة للمريض أكثر من ألم العمل الجراحي نفسه، كما أن استمرارها قد يؤدي إلى تأخير خروج المريض من المستشفى وبالتالي زيادة في التكاليف المالية. العوامل المؤثرة في حدوث الغثيان والقيء - نوع العملية الجراحية: إن لبعض أنواع العمليات الجراحية تأثير في زيادة نسبة حدوث الغثيان والإقياء عند المرضى، فعند المرضى البالغين هناك الجراحة بالمناظير (استئصال المرارة مثلا) وجراحة الأسنان والفكين وكذلك جمع البويضات لأطفال الأنابيب، وعند الأطفال هناك عمليات تصليح الحول في العين والفتق الإربي وإنزال الخصيتين للصفن والختان. - زمن العمل الجراحي والتخدير: ترتفع نسبة حدوث الغثيان والإقياء كلما امتد زمن العمل الجراحي والتخدير، فقد لوحظ ان الحالات التي تمتد لأكثر من ساعة واحدة تزداد فيها هذه الاعراض وهذا يعود إلى طول الفترة التي يتعرض فيها المريض لمواد التخدير والعمل الجراحي والصيام. - الآلام الناجمة عن العمل الجراحي: إن شدة الآلام الحاصلة بعد العمل الجراحي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على حدوث الغثيان والقيء فالمباشر ينتج عن الآلام الشديدة الناجمة عن عمليات البطن الكبيرة مثلا، أما غير المباشر فيحصل نتيجة لإعطاء المريض الأدوية المضادة للألم كالمورفين والديميرول وهذه الأخيرة لها تأثيرات جانبية أهمها الغثيان والإقياء. - هبوط ضغط المريض الشرياني بعد الجراحة تؤدي إلى حدوث الغثيان والقيء. - عوامل تتعلق بالمريض نفسه: وهي السن والجنس والإصابة السابقة بمرض دوار الحركة فقد أظهرت الدراسات المتعددة ان نسبة حدوث الغثيان والإقياء لدى الرضع تحت سن السنة لاتتعدى 5% وتزداد هذه النسبة إلى 20% عند الأطفال تحت سن الخامسة وتتراوح مابين 34% إلى 40% من سن السادسة وحتى الخامسة والستين من العمر حيث تتناقص هذه النسبة بعد هذا السن. أما فيما يتعلق بجنس المريض فإن نسبة حدوث هذه الأعراض تكون أكبر مرتين إلى ثلاث مرات لدى الإناث منها لدى الذكور ويعود ذلك إلى وجود الدورة الطمثية عند النساء وما يرافقها من تبدلات هرمونية، ولابد ان نذكر هنا ان النساء الحوامل يتعرضن لحدوث الغثيان والقيء قبل البدء بالعمل الجراحي بنسبة أكبر عما هو عليه بعد العمل الجراحي. أما المرضى المصابين بدوار الحركة فقد تبدأ لديهم أعراض الغثيان والإقياء بعد خروجهم من المستشفى وخاصة إذا كانوا قد حُقنوا بالمورفين لذا فإن إعطاء هؤلاء المرضى الأدوية المضادة لدوار الحركة كالهيوسين مثلا ذو فائدة أكبر من إعطاء مضادات الغثيان والإقياء الاعتيادية. طرق الوقاية للوقاية من حدوث غثيان وإقياء ما بعد العمليات الجراحية والتخدير - وخاصة عند المرضى ذوي الاستعداد - فإن هناك العديد من الاجراءات المتبعة بهذا الخصوص منها: - إعطاء المريض الأدوية المضادة للغثيان والإقياء مثل الدروبيريدول والأنداسيترون والجرانيسيترون وغيرها قبل البدء بالعمل الجراحي. - إزالة أو تخفيف خوف المريض بواسطة الطبيب وإعطاء الأدوية المهدئة. - إعطاء المريض الأدوية المضادة للحموضة. - المحافظة على حرارة جسم المريض وتدفئته أثناء العمل الجراحي. - إعطاء المريض السوائل والمحاليل الوريدية الضرورية والمحافظة على توازنها. - تجنب تعرض المعدة للانتفاخ بالهواء عند استعمال قناع الوجه في بداية التخدير. - تجنب الاستعمال غير الضروري والمفرط لقسطرة شفط المفرزات من فم وبلعوم المريض. - وأخيراً يجب ان لاننسى ان لطريقة التخدير ومواد التخدير المستعملة دور هام وكبير في هذا المجال، حيث ان طرق التخدير الحديثة واستعمال أجهزة التخدير المتطورة مع ما تم تصنيعه في السنوات العشر الماضية من مواد تخدير حديثة كالبروبوفول والسيفوفلوران وغيرها كلها ساهمت في تقليل نسبة حدوث غثيان وإقياء ما بعد العمل الجراحي والتخدير. استشاري تخدير مستشفى المركز التخصصي الطبي