سمعتُ كثيراً عن الفراق وصعوبته.. وتكلمت عنه أكثر.. ولكن بقلب جامد.. ومشاعر من ثلج.. وكيفَ أحزن؟.. وأنا لم أجربه قط.. وكيف أشعر؟.. وقد كان الفراق.. أبعد ما يكون من حياتي.. تكلمتُ عنه.. كأنه أحد المواضيع العادية.. وتمرُّ قصص ومواقف الغير من أمامي.. وأنا مبتسمة غير آبهة.. بل وربما كنت أفكر بشيء آخر.. خارج ذلك المجلس.. وكنت أتعجب عندما يحكي لي أحد أنه فارق شخصاً عزيزاً فتدمع عيناه.. وعبثاً يحاول إخفاء دموع شوقه ولهفته.. فأتساءل.. هل أصبح الفراق هو الأمر الحتمي في الحياة؟ أم أمسى دواء مُراً لا بد من تجرعه؟ ولكن أتُرَى سيدوم ذلك الشعور في نفسي..؟ أم سينقلب كيان موقفي بعد فراقك..؟ فراقكِ الذي.. لم أجربه بعد.. وأتمنى ألا أجربه قط.. فأنا أستيقظ كل يوم صباحاً.. أقطع ورقة جديدة من التقويم.. فرحةً لأن عمري قارب الثامنة عشرة.. وحزينة أكثر.. بأن ذلك العمر المغلف بأجمل ملبوس.. والملتف بشرائط ملونة.. يحمل بداخله هدية حزينة.. سَتُركن مع الأيام.. ويسكنها الغبار.. وتصبح مجرد ذكرى! حزينةٌ أنا.. ففي حديقتي.. بل عالمي الكبير.. أربع وردات اشتراهن لي والدي.. وسقتهن لي والدتي.. فكيف سأتعايش اليوم مع ثلاث وردات فقط؟!.. خواطر من حبي.. لا أعلم.. أأحاكمكِ أنت.. أم أحاكم قاطف الوردة.. أم القاطف والمقطوف اشتركا معاً في الخطة.. مسبقة التدبير ..؟! إذاً.. فقولي لقاطفك.. إنكِ إحدى ورداتي.. التي أراها كل يوم.. وأنني.. انزعجت عندما قطفوها من حديقتي.. ولكنهم أخبروني فيما بعد.. بأنها سنة الحياة.. قولي لقاطفك.. بأن فرحنا يتعدى كل ذلك الحزن بكثير.. وأوصيه.. أن يعتني بوردتي.. ويرويها كل يوم من حنانه.. وأن لا يتعب.. وأن لا ينضب.. ماء ساقي ورداتي.. وأخبريه بأن منظركما معاً.. أسعدني كثيراً.. وتلك السعادة المشتركة.. أنستني هم فراقكِ.. فعندها اطمأننت أنكِ بأيدٍ آمنة.. وبأنه.. في عيون ناعسة.. أغلقت جفنها عليه.. بعد سهر طويل.. تمنياتي لكم بالسعادة الدائمة.