ما أثقل ظل الزائرة التي بصحبتها أولاد! فما بالك بزائرات وبصحبتهن مجموعة من الأولاد، لا شك بأنهن نكبة وأية نكبة..! لا أقول هذا كراهية للأولاد والأطفال، لا، فالأطفال «زينة الحياة الدنيا» ورمز البراءة، ولكن أقول ذلك كراهية لسوء التربية، وكراهية للأمهات اللائي يدعن أولادهن يربون أنفسهم بأنفسهم، بمعنى أنهن لا يكلفن أنفسهن - ولو جهدا ضئيلا - لتوجيه أولادهن وتأديبهم. أعود فأقول: نكبة.. لانه إذا قدر على بيت واجتمع فيه مجموعة من الأولاد - أولاد الزائرات الكريمات - فيا بؤس ذلك البيت، لما سيؤول اليه من الفوضى والقذارة عقب (الزيارة الميمونة)، فانهم لا يدعون غرفة في البيت إلا ويدخلونها ويعبثون بمحتوياتها ويقلبونها رأسا على عقب ويكسرون ما هو قابل للكسر، أما قشور (المكسرات) وأوراق (الحلوى) فتغدو فرشا فوق فرش البيت لدرجة انه يختلط على الناظر معرفة لون الفرش الاصلي، هذا عدا ما يكب من الشراب على (الكنب) وعلى السجاد، وعدا ما ينقل من محتويات البيت الى الحديقة وما ينقل من أشياء الحديقة الى داخل الغرف، وزيادة على ذلك ما يعملونه من القلع والقطف والنتف في غرسات الحديقة وزهورها ووردها، وكل ذلك يفعله الأولاد بمنتهى الحرية حيث لا رادع لهم، ولا زاجر يوقفهم عند حدهم، وصاحبة البيت تشاهد ذلك، وتتألم ساكتة صابرة على هذه البلوى لا تستطيع ان تتفوه بكلمة لأي منهم، لأنها ان فعلت، فمعنى ذلك اساءة لخاطر أمه المحترمة وإذا تجرأت وأفهمت الولد - بالحسنى - بأن عمله هذا لا يليق بولد مؤدب مثله، اسمعها كلاما لا ترضاه، لذا تلوذ بالصمت والحسرة تفتت أحشاءها. أما أمهات الأولاد، فكل واحدة منهن مستغرقة في الحديث، تطلق (عشرات الكلمات في نبرة واحدة) ولا تطلق كلمة واحدة تزجر ابنها وتردعه. ولا أطلق حكمي هذا على جميع الأولاد، بل استثنى بعضا منهم، فهناك أولاد يشتهى الانسان ان يكون له عشرات مثلهم، لما يتحلون به من أدب وحسن خلق، مما يدل على جهد أمهاتهم في تربيتهم التربية السليمة. فالولد - ان صح التعبير - سفير أهله بين الناس، يتخلق بأخلاقهم ويتحلى بمزاياهم، وأنت - أيتها الأم - المسؤولة أولا وأخيراً لأن ابنك يلازمك الوقت كله. ولا أعتقد اني بالغت فيما قلته عن أعمال الاولاد، لان هذا مع الاسف من الواقع، واعلم ان قول الحقيقة مر لدى البعض، وقد تستاء منه بعض القارئات الكريمات، فيحقدن علي، ولكن هذا لا يمنع من ان أقول الحقيقة وأشرح الواقع، ما دام في ذلك فائدة، وهذا جل ما ابتغيه، وأرجو الله ان يهدينا الى سواء السبيل والسلام.