في مثل هذا اليوم وقعت ألمانيا على معاهدة فرساي مع قوات التحالف، معلنة بذلك النهاية الرسمية للحرب العالمية الأولى. وقد حضر الاقتصادي الإنجليزي الشهير جون مينارد كينيس مؤتمر السلام الذي سبق توقيع الاتفاقية، لكنه ابدى اعتراضاً شديداً على تلك الاتفاقية. حيث أكد كينيس في كتابه (التوابع الاقتصادية للسلام) عام 1919، ان تعويضات الحرب والشروط القاسية المفروضة على ألمانيا ستؤدي بالتأكيد إلى نوع من الانهيار المالي في هذا البلد، الأمر الذي سيؤثر بدوره على اقتصاد وسياسة أوروبا والعالم. مع نهاية عام 1918 اصبح جلياً أمام قادة ألمانيا ان هزيمتهم في الحرب باتت وشيكة حيث لم تعد ألمانيا تملك الجيوش أو الموارد اللازمة لصد الحلفاء والذين دعموا صفوفهم بالقوات الأمريكية. وفي محاولة لتجنب هجوم الحلفاء، اجرت الحكومة الألمانية اتصالات مكثفة مع الرئيس الأمريكي، وودرو ويلسون، في أكتوبر عام 1918 وطلبوا منه وضع شروط عادلة لهدنة جديدة بين الطرفين. في نوفمبر عام 1918 تم التوقيع على الهدنة ليوضع بذلك حداً للحرب العالمية الأولى. في يناير من عام 1919 وصل جون مينارد كينيس لفرنسا لحضور مؤتمر باريس للسلام بوصفه ممثلاً عن وزارة المالية الإنجليزية. من المعروف ان كينيس يعد أشهر وأصغر اقتصاديي العالم، حيث كان يبلغ من العمر 35 عاماً. كما اظهر تفوقاً ملحوظاً في ادارة الشؤون المالية الإنجليزية أثناء الحرب. لم يكن رأي كينيس في المؤتمر سوى رأياً استشارياً، وكانت الغلبة والقرار الأخير للساسة الكبار. لم تحقق الاتفاقية أي من آمال الألمان فيما يتعلق ب(السلام العادل) حيث اصر جورج كيلمنصو، رئيس الوزراء الفرنسي، على معاقبة ألمانيا بشروط قاسية رداً على قسوة ألمانيا مع فرنسا في معاهدة فرانكفورت عام 1871 والتي انهت الحرب الفرنسية الألمانية. كما دعم لويد جورج، رئيس الوزراء البريطاني، الموقف الفرنسي والذي أكد على ضرورة تقديم ألمانيا تعويضات لما الحقته من اضرار بالمدنيين الحلفاء ووصلت التعويضات إلى 30 مليار دولار أمريكي. اكدت المعاهدة على ان ألمانيا كانت السبب الرئيسي وراء اندلاع الحرب العالمية الأولى بعد اغتيال الدوق فرانسيس فرديناند. بموجب تلك المعاهدة اضطرت ألمانيا إلى التخلي عن 10% من أراضيها وقبول اقتراح نزع السلاح. علاوة على ذلك، صودرت كل ممتلكات ألمانيا في الخارج واستولي على اسطولها التجاري، الشيء الذي كان له أكبر الأثر على الاقتصاد الألماني. من جانبه اقترح كينيس منح ألمانيا قرضاً كي تتمكن من شراء الغذاء وفي نفس الوقت تبدأ في دفع التعويضات. وافق لويد جورج على اقتراح مواطنه في حين رفضه الرئيس الأمريكي ويلسون. واضطر كينيس لتقديم استقالته في الخامس من يونيو عام 1919 اعتراضاً على (تدمير أوروبا). لم تجد ألمانيا أمامها سبيلاً سوى تنفيذ شروط المعاهدة وبحلول عام 1923 استولت كل من فرنسا وبلجيكا على منطقة الرور الصناعية الألمانية، واعتراضاً على هذه الخطوة قام عمال وموظفو المدينة بإضراب عام واغلقوا كل المصانع. وبدأت تظهر علامات التضخم الاقتصادي في ألمانيا. في نوفمبر من عام 1923 قام الحزب النازي الألماني تحت قيادة أدولف هتلر بانقلاب عسكري ضد الحكومة الألمانية، وقد اكتسب هذا الانقلاب تأييداً كبيراً من الشعب الألماني. في غضون 10 سنوات نجح هتلر في السيطرة على الدولة الألمانية كما نجح في تغيير معاهدة فرساي لصالح ألمانيا.