فاز، هتلر، بمنصب المستشار، في كانون الثاني يناير 1933، وعلى نحوٍ دستوري، عندما حصل الحزب الوطني الاشتراكي على أكثر من 37 في المئة من الأصوات، في انتخابات حرَّة، ونزيهة. كانت فلسفة الحزب النازي، تقوم على التفوق العنصري، وعبادة القائد الأعظم، وتقديس الإرادة القوية، والإذعان إلى السلطة، والانضباط، والرسالة الميتافيزيقية المُبْهمة للعنصر الآري، "الشريف". ذلك البرنامج الحزبي العسكري، وتلك الايديولوجية البعثية، لأمة آرية واحدة وطاهرة، ذات رسالة، هيْمَنيَّة خالدة، وذلك القائد الأوحد، المبجّل، ذو البصيرة النافذة، والرؤية المعصومة، والكلمات النارية الواعدة، والأوامر المُطاعة، كانت عناصر "الطبخة" للنجاح، الصاعق، والمتصاعد، للحزب النازي في الانتخابات البرلمانية الألمانية. جاء الحزب النازي، وقائده، وبرنامجه الانتخابي، ليشعل النار في هشيم ذليل، وليُلهب المخيَّلة الجمعيَّة للأمة الالمانية التي كانت تعاني من أزمات اقتصادية حادة، وتخضع لشروط استسلام مهينة. في عام 1923 كان سعر رغيف الخبز في ألمانيا حوالى 140 بليون مارك مائة وأربعون ألف مليون مارك وكان العمال يتقاضون أجورهم على دفعتين في اليوم الواحد، خوفا من تدهور قيمة العملة، بين الصباح والمساء. أمعن الحلفاء المنتصرون في إذلال ألمانيا، وفرض تعويضات هائلة عليها. لم يُطالبوها فقط بالتعويض، عن أضرار الحرب، بل وأجبروها على دفع رواتب تقاعد جنود وضباط الحلفاء. وضيقوا على صادراتها، التي كانت ستستعين بها على الدفع. وعندما تخلفت عن دفع ديونها، احتلت فرنسا، وبلجيكا، حوض نهر، الرُّور، اهم المناطق الصناعية الألمانية، التي كانت تزود ألمانيا بحوالي 85 في المئة من الفحم. كانت ألمانيا ذليلة، مهانة، مهزومة، فقيرة، وجائعة. وجاء المخلص في تلك الظروف، ليبعث فيها، من جديد آمال الانعتاق، ويلهب فيها روح الاعتزاز، والتفوق ويتبنى برامج اقتصادية، انضباطية ناجحة، ويمزّق عملياً وثائق معاهدة فرساي المهينة. لم يكن عجباً ان يفوز، هتلر، في الانتخابات وأن ينقاد الألمان له انقياداً أعمى، نحو حرب عالمية مدمرة، ويستمعون له، من دون تمييز، حين يبشر بفلسفة عنصرية متطرفة، وساذجة. عندما كتب، الاقتصادي الشهير، جون ماينارد كينز، كتابه الشهير، الآثار الاقتصادية للسّلام، في عام 1919، حذّر من ان شروط معاهدة فرساي، ستدمر ألمانيا، بكل ما يتضمن ذلك من آثار، سياسية، واجتماعية، واقتصادية، ودولية. كان ذلك إخباراً للمنتصرين، أن يحذروا، عواقب النصر، ربما أكثر، من مراعاة، ظروف الهزيمة.