يتوجَّه الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى إيرلندا مساء اليوم الجمعة لمقابلة قادة الاتحاد الأوروبي، حيث يواصل البحث عن المزيد من الدعم الأوروبي لتأمين العراق ولخطته لإدخال تغييرات كاسحة في الشرق الأوسط، وفقاً لتعبير وكالة الأنباء الألمانية. وفي الوقت نفسه يتطلع الرئيس الأمريكي إلى أرضية مشتركة داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) عن كيفية التحرك قدماً بشكل أفضل وسط الشكوك المتزايدة حول قيمة التحالف عبر الأطلسي. وعقب القمة الأمريكية الأوروبية التي ستعقد يوم غد السبت في قلعة درومولاند في جنوبي إيرلندا سيطير بوش إلى اسطنبول لحضور مؤتمر للناتو من المتوقع أن تقوم الولاياتالمتحدة خلاله بتوجيه دفعة أخرى لتوسيع دور الحلف في العراق. ويتوقع المسئولون الأمريكيون معارضة من دول الحلف الرئيسية وتحديداً فرنسا لإرسال قوات للمساعدة في إرساء الاستقرار في العراق ومن ثم سيسعون بدلاً من ذلك إلى تحقيق هدف أقل يتمثَّل في تشجيع التحالف على المساعدة في تدريب وتسليح قوات الأمن العراقية واستطلاع الدور الذي يمكن أن تقوم به دول الحلف الست عشرة التي تساعد بالفعل بصفة فردية. وكانت فرنسا وألمانيا في مناسبات عديدة قد أعلنتا إصرارهما على أنهما لن ترسلا قوات إلى العراق تحت أية ظروف حتى بعد التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الذي تدعمه الولاياتالمتحدة في وقت سابق من الشهر الحالي ويقر إرسال قوة متعددة الجنسيات وأن الحكومة العراقية الجديدة مهيأة لبسط السيادة على البلاد في 30 حزيران - يونيو. وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قمة الدول الصناعية الكبرى منذ أسبوعين إنه سيعارض أي دور للناتو في العراق. وفيما تضغط الولاياتالمتحدة بشدة لاشراك الناتو في العراق بدأت تساؤلات تظهر عن حيوية حلف منقسم بشأن موضوعات استراتيجية مهمة. وفي مقال رأي نشر في صحيفة واشنطن بوست قال المحللان في مجال السياسة الخارجية إيفو دالدر وروبرت كاجان إن فرنسا وألمانيا مضطرتان الآن إلى دعم مشاركة الناتو بعد أن أوفت الولاياتالمتحدة أخيراً بمطالبهما في صياغة قرارات مجلس الأمن لإعادة السيادة إلى العراق. وقال المحللان (مع حصول الدولتين على مرادهما في المفاوضات بشأن صياغة القرار فإن الوقت حان بالنسبة لهما كي يساهما في جهود بناء مستقبل سلمي وديمقراطي ومستقر للعراق). وقالا أيضاً إن المخاوف داخل الحلف من أن الناتو وسع من نطاق دوره بشكل أضعف من فعالية هذا الدور إذا أخذنا في الاعتبار مهمته في أفغانستان مخاوف لا أساس لها. وكتب المحللان قائلين (إذا لم يستطع الناتو القيام بمهمة مثل العراق حيث تقدم الولاياتالمتحدة 90 في المئة من القوات فلماذا إذن يجب على الأمريكيين أن يروا قيمة للحلف؟). وقامت السلطات الايرلندية باستدعاء الآلاف من ضباط وجنود الشرطة لتدعيم الأمن خلال الاجتماع ومنع المظاهرات المعادية لبوش في بلد يرحب ترحيباً حاراً دائماً بزيارات الرؤساء الأمريكيين. ومن المحتمل أيضاً أن تقوم الولاياتالمتحدة بالدفع من أجل الحصول على تأييد إضافي لمبادرة إدارة بوش التي تستهدف إقناع الحكومات العربية بإدخال ما تسميه إصلاحات ديمقراطية واقتصادية واجتماعية. وخلال قمة مجموعة الثماني التي انعقدت في الفترة من 8 إلى 10 حزيران - يونيو حصلت الولاياتالمتحدة على دعم من الشركاء الأوروبيين الأساسيين مثل فرنسا وألمانيا لصيغة مخففة من المبادرة. وهناك شكوك لدى العواصم الأوروبية بشأن فرص النجاح وخاصة مع عدم تحقيق تقدم في الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية. وفي الوقت الذي يبحث فيه بوش عن الدعم الأوروبي بشأن العراق وهو الموضوع الذي وصل بالعلاقات عبر الأطلسي إلى أسوأ حالاتها في فترة الإعداد لغزو العراق، يعرب محلل آخر عن اعتقاده أن القادة الأوروبيين ربما كانوا رافضين لمساعدة بوش قبل انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني - نوفمبر. وقال تشارلي كوبتشان من مجلس العلاقات الخارجية مؤخراً (يمكن القول ونحن مطمئنون إن الحكومات الأوروبية في الجانب الأعظم منها تتمنى فوز المرشح الديمقراطي السيناتور جون كيري في الانتخابات الرئاسية القادمة). وقال إن هؤلاء القادة قد يفضلون تجنب (تحطيم القطار) مع بوش ولكن في نفس الوقت لا يريدون (إعطاءه أشياء تزيد من فرص إعادة انتخابه مثل قوات جديدة في العراق أو قرار الناتو بالذهاب إلى العراق).