قال في ترجمته: (وتوفي والده طفلاً، وتربَّى في حجر جدِّه لأمِّه). قلت: حصل عند العلاونة استنباط، ولكنه للأسف الشديد ليس في محله وذلك من عدم قراءة ترجمة ابن سودة لنفسه كاملة قال ابن سودة: (ولدت بمدينة فاس عام تسعة عشر وثلاث مئة وألف، وتربيت في حجر الجدِّ من قبل الأم العابد بن الشيخ أحمد بن سودة، والفضلُ راجعٌ إليه..). ولو أنَّ العلاونة أكمل القراءة لما وقع له هذا الاستنباط الخاطئ!، حيث قال ابن سودة بعد ذلك: (.. في تربيتي لأنه - رحمه الله - كان له ولد واحد، وتوفي ولم يبق له سوى بنت، وهي سيدتي الوالدة، فأخذني من أحضانها بعد الفطام، وجعلني عِوضاً عن ولده المتوفى...) وأما والد المترجم، فقد ترجم له ابنه في الكتاب نفسه الذي رجع إليه العلاونة، بل في نفس الجزء (3409/9-3410) حيث ذكر تاريخ وفاته بقوله: (توفي - رحمه الله - ليلة الاثنين ثاني عشر محرم الحرام عام تسعة وثمانين وثلاث مئة وألف) أي أنَّ عمر المترجم عند وفاة والده 60 سنة، لأنَّ مولده سنة 1319 فلم يكن طفلاً يتيماً عندما توفي والده؟! بل الصواب ما ذكرت ، ولا يلزم من تربيته عند جده أن يكون يتيماً فقد والده؟! وكتابة التراجم تحتاج إلى أناة وتثبُّت قبل إصدار الأحكام, وتقديم النتائج المبنية على قراءة خاطفة، غير متأنية. ومع هذا فإن القارئ يجد العلاونة يقول في مقدمة كتابه المنتقد هنا (ص 5): (فموضوع الأعلام عندنا بحر لجي أعاننا الله على الخوض فيه وكتب لنا السلامة حتى نأتي بجواهره ولآلئه وما أبعدها وأصعبها وبعض من لا يعرف يظن الأمر هيناً وهو والله عظيم..) وفات العلاونة التنبيه على استفادة العلامة الزركلي وكثرة رجوعه إلى ابن سودة في كتابه (الأعلام) وقد ذكرت ذلك في كتابي (الإعلام بتصحيح الأعلام) (ص 95). ص 107: عبدالعزيز بن صالح ذكر العلاونة أنَّ المترجم تولى قضاء مدينة الرياض 1363 كما تولى الإمامة والخطابة في المسجد النبويّ الشريف 1367-1414 مع توليه القضاء بها، وعضويته في هيئة كبار العلماء. وختم ترجمته بقوله: (وكانت زعامته ووجاهته أكبر من علمه). قلت: هذه العبارة للأسف ذكرها الشيخ عبدالله البسام، ونقلها عنه العلاونة من كتاب (علماء نجد خلال ثمانية قرون)، إذ هو أحد مصادره في الترجمة، وهذا القول فيه نظر. أولاً: إن كان ولابد من ذكر هذه العبارة، فعليه أن يعزوها لقائلها. ثانياً: لابد أن يذكر قبل نقل هذه العبارة أمثلة لذلك تؤيّد ما ذهب إليه. ثالثاً: هل كل من ترجم له العلاونة، وذُكر فيه بعض العبارات التي تسيء إليه ينقلها أم يذكرها في أناس دون آخرين؟ وقد ترجم لأناس ذُكر فيهم تجريح واتهامات، ولكنه أغفلها، ولم يوردها في تراجمهم، وأضربت صفحاً عن ذكر الأمثلة على ذلك، وهي كثيرة، فلماذا يزن بميزانين، ويسيء إلى هذا العالم الجليل بهذه العبارة؟! وسيأتي التنبيه على إساءته في ترجمة فضيلة الشيخ عبدالله الخليفي - رحمه الله تعالى-. ورحم الله الأستاذ محمود الطناحي حيث ذكر في مقاله الذي تعقب فيه العلاونة بعنوان (ذيل الأعلام ومغالبة الهوى) ونصحه قائلاً: (نحن لا نترجم للناس لكي نهينهم ونهوي بهم!). ص 108: عبدالعزيز الشناوي: ذكر من كتبه: (السخرة في حفر قناة السويس عصر إسماعيل) أطروحته للدكتوراه لم تطبع. قلت: فيه ملحوظتان: أولاً: هي أطروحته لنيل درجة الماجستير، قال مؤلفها في مقدمتها (ص 16): (هذا البحث قُدِّم لنيل درجة الماجستير في التاريخ الحديث). ثانياً: هي مطبوعة، وبين يدي الطبعة الثانية 1998 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. وهي قبل طبع كتابه (ذيل الأعلام) من الجزء الثاني، بل قبل كتابة مقدمته. ص 113: عبدالقادر بن ملا حويش قلت: الصواب في اسم أبيه: محمد ملا. وليس اسم أبيه (ملا). وما تقدم من فعل العلاونة شبيه بما انتقده في أول هذا الجزء (ص 14) حيث قال في نقده للدكتور نزار أباظة، وشيخنا محمد رياض المالح: (كان يرتجلان في اسم الأب، فعفيفة فندي صعب (ص 186) جعلا اسم والدها فندي، مع أن اسمه قاسم، ومحمد حسن عواد (ص 230) جعلا اسم والده حسن مع ان اسمه مركب محمد حسن، أما اسم والده فقاسم). قلت: فوقع فيما أخذه على غيره. هذا مع أن قوله: (كان يرتجلان) خطأ، وصوابه: (كانا). وقد أخذت اسم والد المترجم من كتاب (أعلام الفرات) ص 37 ص 113: عبدالكريم المدني أرّخ مولده 1317، ووفاته 1411ه. قلت: جاءت له ترجمة موسعة في كتاب (المنتخب من أعلام الفكر والأدب) (ص 266-267) وجاءت سنة مولده فيه كما أثبتها العلاونة بلا استفهام. وأما وفاته فقد جاءت محددة في 18 ذي القعدة سنة 1411. فتبين مما تقدم أنه لا حاجة لوضع الاستفهامات، و(المنتخب) من مصادر العلاونة في هذا الجزء حيث تقدَّم نقله منه في (ص 107) في ترجمة عبدالعزيز الجواهري، إلا أنه حصل له هناك في الاحالة قلب، فكتب أنها (ص 275)، والصواب: (ص 257). ص 114: عبدالله بن حمود الطريقي ت 1418 أورد للمترجم صورة فوتوغرافية، والحقيقة أنَّ صاحب الصورة هو شخص آخر، وهو قريب المترجم وسميّه، واسمه: (عبدالله بن عبدالمحسن بن منصور الطريقي المولود 1368)، وهو لا يزال إلى كتابة هذه الأسطر على قيد الحياة، وهو دكتور متخصص في الفقه الإسلامي، ومن مؤلفاته: (جريمة الرشوة في الشريعة الإسلامية) وهو كتاب مفيد نافع في بابه وقد طبع عدة طبعات. انظر ترجمة صاحب الصورة في (موسوعة أسبار للعلماء والمتخصصين في الشريعة الإسلامية) (718/2). ص 118: عبدالله بن محمد بن حميد ت 1402 قال في ترجمته: (وتتلمذ على علماء الرياض، وعلى الوافدين عليها) قلت: الصحيح أنَّ المترجم لم يتتلمذ على وافدٍ، وإنما كان تلقِّيه على علماء بلده، وهم: الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ، الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، الشيخ حمد بن فارس. وهؤلاء المشايخ في أحد مصادره، وهو (علماء نجد خلال ثمانية قرون)، بل كل من ترجم للشيخ لم يذكر أنه تعلم على وافد، ومن ذكر ذلك فعليه أن يبيّن اسم هذا الوافد الذي قرأ عليه المترجم. وقد ترجم له ابنه معالي الدكتور صالح بن حميد رئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية حرسها الله وسائر بلاد المسلمين في مقال نُشر في مجلة (الدارة) عدد تذكاري بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية 5 شوال 1419 (ص 45-90) فلم يذكر عنه أن تلقى على وافد. وقال العلاونة في ثنايا الترجمة: (وفي عام 1395ه - 1975م عيّنه الملك خالد بن عبدالعزيز رئيساً للمجلس الأعلى للقضاء، وعضواً في هيئة كبار العلماء). قلت: الصواب الشطر الأول، وأما الشطر الثاني فليس صحيحاً، فقد أنشئ مجلس هيئة كبار العلماء بأمر ملكي رقم 138/1، والتاريخ 1391/7/8 ونصّه: (بعون الله تعالى نحن فيصل بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية بعد الاطّلاع على المادة الثانية من الأمر الملكي رقم 137/1 وتاريخ 1391/7/8ه أولاً: يعين المشايخ التالية أسماؤهم أعضاء هيئة كبار العلماء: الشيخ عبدالعزيز بن باز، الشيخ عبدالله بن حميد، ... ) فمما تقدم يتبيّن أن الذي عين المترجم في هيئة كبار العلماء هو الملك فيصل، وليس الملك خالد - رحمهما الله تعالى - والنص المتقدم نقلته عن حاشية رقم (1) من كتاب (مشاهير علماء نجد وغيرهم)، من الطبعة الأولى (ص146)، ومن الطبعة الثانية (ص184) في ترجمة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله-. ص 118 - 119: عبدالله الخليفي قال في ترجمته: (وعُيّن إماماً مساعداً للشيخ عبدالظاهر أبي السمح إمام المسجد الحرام، وبعد وفاته عام 1373 عُيّن صاحب الترجمة إماماً للمسجد الحرام). قلت: الصواب في وفاة الشيخ عبدالظاهر أبي السّمح انها كانت سنة 1370. انظر ترجمته في: (الأعلام) (11/4)، بل جاءت محددة في شهر رجب 1370 في (معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية) (774/2)، وهذا المصدر من مصادر كتاب العلاونة في جزئيه الأول والثاني، وقد نقل منه تاريخ مولد الشيخ حسن مشّاط، وهو خطأ كما تقدم. وقال عن المترجم: (وكانت خطبه وما ألقاه في الإذاعة وما ألّفه لم تكن محررة ولا سالمة من الأخطاء في نقله، وسبب ذلك أنه سَادَ وهو صغير، فهو صار إماماً للملك فيصل ثم إماماً في المسجد الحرام في أول شبابه، ولم يواصل القراءة على العلماء، وكان قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تفقهوا قبل أن تسودوا) أ.ه. في كلام العلاونة المتقدّم في ترجمة الشيخ الخليفي مآخذ عدّة: أولها: حكمه على خطب الشيخ ودروسه في الإذاعة، ومؤلفاته، بأنها كانت غير سالمة من الأخطاء: غير مُسلّم له، ولا يخرج عن حالين: إما أن يكون حكمَ على مؤلفات الشيخ ودروسه وخطبه بنفسه! وهو غير مؤهّل، ولا عالم شرعيٍّ: فحكمه فاسد. وإما أن يكون نقل حُكم غيره: ولم يبين هذا! ولم يذكره! لينظر في حال ذلك المتكلم المقيم للمترجم، فلا اعتبار لنقله حُكمَ مجهول حال وعين. ثانيها: علل العلاونة ضعف مؤلفات الشيخ الخليفي، ودروسه وخطبه بزعمه،أن الشيخ الخليفي تصدر فيما يحسنه ويتقنه، فكان إماماً في مسجد الملك وان ذلك راجع إلى تسوّد الشيخ الخليفي وهو صغير، لأنه كان إماماً للملك فيصل، ثم إماماً في المسجد الحرام في أول شبابه: وهذا التعليل فاسد. وليست إمامة الرجل لمسجد أو جامع، عائقاً له عن التحصيل، وطلب العلم ومواصلته، وليست من السؤدد الذي يعيق عن العلوم الشرعية والطلب، فلا وجه لاستدلال العلاونة وتعليله بذلك, ولا وجه لذكره قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تفقهوا قبل أن تسوّدوا). بل إن تولي الإمامة والخطابة محفز كبير لطلب العلم إذ إن الناس بحاجة إلى استفتاء الإمام والخطيب والرجوع إليه فيما يعن لهم من أمور ولا سيما في المسجد الحرام. ثالثها: فيصل، ثم إماماً في الحرم المكي، وهو أهلٌ رحمه الله لذلك، فقد كان صالحاً مستقيماً، حافظاً لكتاب الله متقناً له مجوّداً، ذات صوت حسن، ونبرة جميلة، قرأ القرآن بالقراءات السبع، فما الضّير من توليه ما يُحسن، وتجنبه - رحمه الله - ما لا ينسب نفسه إليه. هذا مع معرفته بفقه الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - الذي هو مذهبه وألف فيه. وأنقل هنا بعض ما جاء في (تتمة الأعلام) (20/2) لمحمد خير رمضان يوسف حيث قال: (.. وهو حاصل على شهادة كفاءة المعلمين وشهادة تحفيظ القرآن الكريم وشهادة التجويد في القراءات السبع وإجازة في التدريس بالمسجد الحرام). رابعها: للعلاونة في ذيله على الأعلام منهج مُضطرب، وميزان مختلف، فتارة يترجم لمترجمين قد عيبوا بأنواع من العيوب والبلايا، ويُغفل ما قيل فيهم، وكُتب عنهم، ويُطريهم، وكأنَّ الناس قد اتّفقوا على فضلهم وعلمهم. وتارة يترجم لعلماء صالحين، ثم يعيبهم بعيوب ليست فيهم، ولا منهم كما فعل في ترجمة الشيخ عبدالعزيز بن صالح السابقة! يتبع....