تتساقط الشموع شمعة.. شمعة ، في مهب أعاصير الحياة التي لا نملك لها صدَّاً ولا ردَّاً ؛لأنها حتمية أزلية نؤمن بها دون جدلية أوجزع..أو فزع.. لأنها تعني الرحيل الذي لا بد منه. كثيرةهي الشموع التي مدَّت لنا ضوءا، وأنارت لنا مسلكاً..ومنحتنابضوئها أملاً في أن توسع لنا دائرة اليقين الذي بدونه تتكسر الأشرعة أمام هبة الرياح.. وجهام الظلمة..وقتام الركود..وإذا كان فيلسوف الصين العظيم (كونفشيوس)أعطى لنا رؤيته الحياتيةمن خلال مقولته الخالدة(لا تلعنوا الظلام ولكن أوقدوا الشموع).. فإن شمعة في حياتنا اعتصرت كل طاقتها ولأكثرمن أربعين عاماً..اعتصرته.. واختصره في كلمة واحدة تقول: (من أجلك يا وطني احترقت كي تنعم بدفء العقل.. ووضوح الرؤية.. وبناء الأمل بروح العمل..) شهادة له.. بل وريادة له كان الأسبق فيها، والأحق فيها من غيره.. أعطاها في صمت وبقدر كبير من الحب.. وبقدر أكبر من الرغبة في أن يكون.. وفي أن نكون شموعا تتراقص في أفق دنيانا من أجل رفعة وطن يستحق الاختراق في فضاءاته سعياً إلىالاشراق في جنباته وفي كل حياته هكذا كان الشمعة (فهد العريفي)الذي غادرنا إلى رحاب ربه..وهكذا كانت الدمعة التي انسابت على خدي مساء يوم الأربعاء وأنا في طريقي من مكة إلى الرياض بعد أن لبيت دعوة كريمة من أخي الدكتور راشد الراجح رئيس النادي الأدبي الثقافي بمكةالمكرمة لأمسية عن حياتي المتواضعة وثرثرتي الشعرية الأكثر تواضعاً..صعقت حينها بالخبر وأنا أتصفح صفحات الصحف على متن الطائرة.. أحسست حينها بخسارة قلم طالما أسهم في شجاعة وصدق في معالجة بعض القصور في حياتنا الاجتماعية دون أن يكلَّ أو يمَلّ.. لأن أنفاس شمعة مواطنته كانت متوهجة تبتغي البناء.. وتنشد الإصلاح وهو ما تحرص قيادتنا على أن يكون للمخلصين دور المشاركة.. والمباركة في سماعه.. فالبناء مشاركة.. (أبا عبدالعزيز) شمعة روحك تتراقص متقدة في دواخلنا لم تنطفئ..لأنها شمعة فكر، ولأنها محصلة عمر زاخر بالعطاء.. مليء بالوفاء.. مكتنز بالانتماء.. رحمك الله رحمة واسعة ، لقد قضيت، ولكن بعد أن أعطيت ووفيتَ. سعد البواردي الرياض ص.ب 231185