تقول الحكمة ( بدل أن تلعن الظلام أوقد شمعة ) بينما الواقع يقول : بدل أن تلعن ( سنسفيل وأبو خامس جد الظلام .. تلحلح ودور لك على واسطة ) فالواسطة هي الشمعة التي تبدد الظلام عن بكرة أبيه !! وأي ظلام ترونه أشد من صعوبة إيجاد بضعة أمتار تستوعب بيتاً للمواطن الضعيف ؟ كيف لا نسمي ذلك ظلاماً وهو لا يقدر على توفير مسكن له ولأسرته ؟. إن أشد ما يثقل كاهل الرجل أن تسرقه السنون والأيام وهو في عجز تام عن أن يؤمن مأوىً يستر ذريته قبل موته . البيت هو كابوس المواطن الذي لا يهدأ ولا يبرح مخيلته وأخاله في كل ليلة ينهض مفجوعاً وهو يحدث نفسه : أمن المعقول أن يتشرد أطفالي بعد موتي ؟ ماذا علي أن أفعل لأحصل على هذا البيت المستحيل ؟ نعم إنها الواسطة التي ستبدد كل كتلة الظلام التي تحاصرني .. نعم إنها الواسطة التي ستسكت ذلك الكابوس اللعين .. نعم إنها الواسطة التي ستؤمن لي تلك الشمعة .. وليس مجرد شمعة .. بل على شارع وربما على شارعين. هي من ستملأ عتمة حياتي وحياة أبنائي من بعدي .. بالنور ..والأمان .. والطمأنينة ..وحينها سأشعر أنني بالفعل مواطن يعيش ويتنفس . الواسطة حلال .. الواسطة حرام .. الواسطة غش .. الواسطة فساد .. كل ذلك لم يعد يجدي .. في ظل غياب الرقابة والمحاسبة وقبلهما التطبيق الرادع للقانون لم يعد يجدي ..ولى زمن التنظير والوعظ .. حتى هذه المقالة لا أظنها ستغير من الأمر شيئاً !! الواسطة ثقافة عشعشت في الأذهان منذ عشرات السنين في أذهان الناس ومن قبلهم الكثير من موظفي القطاعات الخدمية وعلى رأسها البلديات و بشكل لا يمكن لأحد إنكاره على الأقل منذ أن تم اعتماد نظام المنح البلدية ، وأكاد أجزم أن مسحاً استقصائياً واحداً حول الذين استفادوا من تلك المنح سيكشف ما لا تصدقه العقول ولا يخطر على قلب بشر .. فأكثر من كان يحصل عليها هم أصحاب الأطيان والعقارات والدخول المتعددة .. وربما وجدنا أحدهم قد حصل على منحة .. وولده منحة .. وولد ولده منحة .. وزوج بنته منحة ..في مخطط واحد .. وفي مدينة واحدة ، وفي زمن واحد !! والفضل طبعاً.. يعود لحضرة السيدة ( واسطة ) . عموماً .. ما فات مات .. وإن كان لم يمت حقيقة فسنتعامى عنه كما لو أنه بالفعل قد لقي حتفه .. المهم اليوم .. منح البلديات والأمانات يجب أن يكون الأولية فيها للقوائم المسجلة في الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية .. يليهم المواطنون والمواطنات الذين لا وظائف لهم سيما الأرامل والأيتام ومن في حكمهم .. ثم موظفي وموظفات الدولة الأقل مرتبة .. ثم الذين يلونهم وهكذا . يجب أن ينقضي زمن الوشوشة .. وفلان يسلم عليك .. وأنا من طرف فلان .. وفوضى المحسوبيات .نحن في زمن النظام والحقوق والإنصاف .. زمن ملك الإصلاح ..زمن المضي نحو الدولة العصرية الخالية من شوائب التلاعب والفساد . @ad_alshihri